«ولاية سيناء» ينتقم من «اتحاد القبائل» في وسط سيناء.. وتطوير ميناء العريش يهدد نحو 4000 أسرة
 
 

أُصيب جندي إسرائيلي بجروح طفيفة على الحدود المصرية، نهاية اﻷسبوع الماضي، الذي شهد قتل تنظيم «ولاية سيناء» أفرادًا من «اتحاد قبائل سيناء»، في هجومين بوسط سيناء، بعد أيام من قتله صبيًا في الشيخ زويد، شرقي سيناء، بدعوى تعاونه مع اﻷمن، فيما أنهت عبوة ناسفة حياة سائق حكومي في بئر العبد، غربي المحافظة التي تشهد عاصمتها، العريش، تنفيذ مخططات تطوير حكومية أثار بعضها مخاوف سكان المدينة.

على الحدود المصرية الإسرائيلية، أُصيب جندي إسرائيلي بجروح طفيفة، الجمعة الماضي، إثر شظايا رصاصات طائشة من تبادل إطلاق نار بين الجيش المصري ومهربي مخدرات، حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي السبت الماضي.

عملية التهريب التي أعلنت إسرائيل إحباطها في سيناء

بعد يوم واحد، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إحباط عملية تهريب مخدرات على الحدود مع مصر، مشيرًا إلى إطلاق إسرائيل عملية تستهدف المهربين على الحدود المصرية، عبر الطائرات المُسيّرة، مضيفًا أن الجيش الإسرائيلي أحبط 60 محاولة تهريب عبر الحدود في سيناء خلال 2020، بالإضافة إلى 20 عملية تهريب خلال العام الجاري.

من جانبه، لم ينشر المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية بيانات بخصوص تلك العمليات، مكتفيًا ببيان، الإثنين الماضي، عن إنجازات قوات حرس الحدود على مدار شهر، شمل أرقام إجمالية لما ضُبط «على كافة الاتجاهات الاستراتيجية»، فيما أشار إلى تدمير أربع فتحات أنفاق في شمال سيناء.

بعيدًا عن البيانات العسكرية الرسمية، استهدف تنظيم «ولاية سيناء» تجمعات لقبيلة الترابين، في منطقة المغارة بوسط سيناء، عبر هجومين متتاليين، اﻷسبوع الماضي، أسفرا عن مقتل سبعة وإصابة اثنين واختطاف شخص من القبيلة التي تقود ما يُسمى باتحاد قبائل سيناء، الذي يتشارك مع القوات المسلحة في الحرب على الجماعات المسلحة في شمال سيناء. 

مسلحو «قبائل سيناء» في وسط شبه الجزيرة الحدودية

بعد قرابة أسبوعين من الهجومين، أعلن «ولاية سيناء» مسؤوليته عنهما، عبر ذراعه الإعلامية، وكالة «أعماق» التي نشرت صورًا أظهرت استخدام أفراد التنظيم أسلحة آلية خفيفة، وسيارات دفع رباعي كان بعضها مموهًا بالطين، وهو تكتيك مُتبع للتخفي من الطائرات المسيّرة في المناطق الصحراوية والجبلية.

اللافت هو تنفيذ الهجوم خلال النهار، بواسطة نحو 19 مسلحًا ظهروا في الصور متجمعين قبل الهجوم، دون أن ترصدهم الطائرات المُسيّرة، التي لا تغادر سماء شمال سيناء، أو الطيران الحربي.

في بيانه، وصف التنظيم الهجوم بأنه استهدف «حاجز للصحوات» (الاسم المتعارف عليه ﻷفراد اتحاد القبائل)، غير أن أبناء قبيلة الترابين الذين ظهروا في الصور لم تكن بحوزتهم أسلحة.

مصدر محلي أوضح لـ«مدى مصر» أن المنطقة التي وقع فيها الهجوم قريبة من أحد أبراج الاتصالات، وتُعتبر المنطقة الوحيدة التي يوجد بها شبكات اتصال في منطقة المنجم القريبة من منطقة جبل المغارة في وسط سيناء، لذا يتردد عليها المواطنون غالبًا لإجراء اتصالاتهم الهاتفية.

ورجح المصدر أن أفراد التنظيم كانوا يرصدون المنطقة، وأنهم نفذوا هجومهم بمجرد مشاهدتهم لأفراد قبيلة الترابين، لافتًا إلى أن معظم سكان التجمعات القروية في المنطقة رحلوا، ولم يتبق هناك سوى المتعاونين مع القوات المسلحة، ومعظمهم من الترابين الذين شكّلوا ما يُسمى باتحاد «شباب المغارة والمنجم»، المنضوي تحت قيادة اتحاد قبائل سيناء، الذي يتخذ مقاتليه قرية البرث، جنوبي مدينة رفح، مقرًا رئيسيًا لهم.

هجوم المغارة كما نشره تنظيم ولاية سيناء

توقيت ومكان هجومي «ولاية سيناء» يشيران إلى أنهما انتقام من «شباب المغارة والمنجم»، الذي نشط مؤخرًا في مواجهة التنظيم في تلك المنطقة من وسط سيناء، سواء برصد أفراده عبر تمشيط مساحات واسعة من مناطق تواجدهم، أو عبر كشفهم للعديد من العبوات الناسفة.

وشهد الشهر الماضي استسلام مقاتلين في التنظيم وعائلات آخرين، في مناطق متفرقة بشمال سيناء، نتيجة التضييق عليهم، وصولًا لعدم قدرتهم على إيجاد الطعام، حسبما قالت مصادر قبلية لـ«مدى مصر» في وقتٍ سابق. فيما أعلن اتحاد قبائل سيناء، في 15 يناير الماضي، سيطرة مقاتلي الترابين على مخزن تابع لـ«ولاية سيناء» في المغارة وسط سيناء، تواجدت به كميات من المواد الغذائية والملابس.

قتلى الترابين في الهجومين اﻷخيرين كان من بينهم أفراد ممَن شاركوا في الكشف عن مخزن التنظيم، حسبما أعلن عضو مجلس النواب عن شمال سيناء جازي سعد، وهو من أبناء وسط سيناء.

اتحاد قبائل سيناء يعلن سيطرته على مخزن تابع لتنظيم ولاية سيناء

ومثّل وسط سيناء، بتضاريسه المعقدة، منطقة استراتيجية للتنظيم مؤخرًا، بعدما ضيّقت القوات المسلحة الخناق عليه في مناطق نشاطه جنوبي مدن شمال المحافظة؛ رفح والشيخ زويّد والعريش وبئر العبد. 

في تقرير عن الحرب بشمال سيناء، نُشر في ديسمبر الماضي، أشار معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، إلى تغيير «ولاية سيناء» من تكتيكاته في الحرب ضد القوات المسلحة المصرية بعد الهجوم على قرى «المثلث الأخضر» في يوليو من العام الماضي، والتي فقد -التنظيم- سيطرته عليها قبل نهاية العام. ولفت المعهد، المختص بتحليل الأوضاع المؤثرة على الأمن القومي الإسرائيلي، إلى أن التنظيم سوف يتخذ من وسط سيناء -خاصة جبلي المغارة ويلق- مرتكزًا جديدًا له، في سبيل خلق طرق التفافية بعيدة عن مناطق سيطرة الجيش في الشمال، لتمكنه من تنفيذ هجماته المسلحة.

إعادة التمركز في وسط سيناء لم تمنع التنظيم من محاولة إثبات وجوده في المناطق الشمالية من المحافظة على فترات متباعدة، عبر تنفيذ هجمات على الآليات العسكرية، خاصة في الشيخ زويّد وبئر العبد، وكذلك عبر استهداف مدنيين بدعوى تعاونهم مع اﻷمن.

بحسب مصادر محلية، عثر أهالي قرية الشلاق، التابعة للشيخ زويّد، في 5 فبراير الجاري، على جثمان صبي مذبوحًا ومُقيد اليدين، وذلك بعد أيام من اختفائه. لاحقًا أعلن «ولاية سيناء» مسؤوليته عن خطف الصبي وذبحه بوصفه «جاسوس للجيش المصري».

قبلها بأيام، وفي 26 يناير الماضي، انفجرت عبوة ناسفة في سيارة تابعة لشركة مياه الشرب والصرف الصحي، أثناء مرورها في قرية تفاحة جنوبي بئر العبد، ما أسفر عن وفاة سائقها.

بخلاف تلك الحوادث، شهدت الفترة من 15 يناير الماضي وحتى كتابة التقرير، نشر مواقع إخبارية تغطيات لتشييع جثامين تسعة عسكريين (ضابط ورقيب و7 مجندين)، بوصفهم قُتلوا «أثناء تأدية واجبهم الوطني في شمال سيناء»، وهم: النقيب محمد عمرو (السويس)، والرقيب محمد حمدى عوض (الشرقية)، والمجندين: أحمد محمود النمر (القليوبية)، رأفت محمد عبد العليم (بني سويف)، خالد حمدي السواحلي (كفر الشيخ)، جابر عبد الفتاح محمد (سوهاج)، السيد ثابت السيد (الشرقية)، محمود رضا أحمد مندور ( بورسعيد)، أسامة حمدي عبد الستار (قنا).

كان آخر بيانات المتحدث العسكري للقوات المسلحة بشأن الحرب في شمال سيناء، بتاريخ 8 ديسمبر 2020، وأعلن فيه مقتل 25 مسلحًا جراء عمليات قصف جوي، ومقتل ضابطين وأربعة ضباط صف وجندي نتيجة للمعارك.

***

بعيدًا عن المعارك التي تشهدها مناطق متفرقة من محافظة شمال سيناء، تستعد عاصمتها العريش، خلال اﻷيام المقبلة لمرحلة ثانية من التطوير، تتضمن رفع كفاءة عدد من محاورها، وأهمها شارع الفاتح أو الطريق الساحلي المار بالكتلة السكنية للمدينة المقامة على ساحل البحر. حسبما أعلن المحافظ محمد عبد الفضيل شوشة، الذي أشار إلى توسعة الطريق ليضم أربع حارات في كل اتجاه.

ما أعلنه المحافظ أثار مخاوف القاطنين في محيط الطريق، من إقدام الأجهزة التنفيذية على إزالة منازلهم لتنفيذ التوسعة المطلوبة. وهي المخاوف التي قد تتحول لواقع قريبًا، في ضوء ما قاله مصدر في ديوان عام المحافظة لـ«مدى مصر»، من أنه جار دراسة أوضاع عدد من العمارات السكنية المقامة على الطريق الساحلي، في المنطقة من شارع الخلفاء الراشدين وحتى ميدان النافورة، لتحديد إمكانية إزالتها، فضلًا عن احتمال إزالة بعض المباني السكنية في وسط المدينة، لتنفيذ مخطط ربط شارعي أسيوط و23 يوليو بشكل مباشر، في منطقة تمتد ما بين الساحة الشعبية ومديرية الشباب والرياضة وحتى ميدان النصر.

شبح الإزالات كان أكثر رعبًا وأقرب للتحقق في أقصى شرق العريش، خلال يناير الماضي، وتحديدًا في منطقتي «الريسة والسكاسكة» القريبة من ميناء العريش الدولي، حيث فوجئ سكان منطقة شاليهات السعد في حي السكاسكة بلجان من موظفي: مجلس المدينة، ومديرية الإسكان، وإدارة أملاك الدولة، تقوم بعمل مقايسات لمنازل الأهالي وبدأت في ترقيمها.

سكان في المنطقة قالوا لـ«مدى مصر» إنهم علموا من أعضاء تلك اللجان إن منطقتهم مقترح ضمها لمشروع توسعة ميناء العريش، رغم أن المنطقة ليست ضمن المناطق المحددة في نطاق تطوير الميناء المُعلن.

وأعلنت الدولة مشروع توسعة ميناء العريش في نهاية 2018، قبل أن تنشر الجريدة الرسمية في منتصف 2019 قرار رئيس الجمهورية بتخصيص اﻷراضي المحيطة بالميناء، واللازمة لأعمال التطوير، للقوات المسلحة، بمساحة 371.46 فدانًا، على أن تتولى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمويل وتنفيذ تطوير وإدارة وتشغيل الميناء.

في مواجهة مخاوف الإزالة، وعلى مدار عدة أيام في نهاية يناير الماضي، نظم السكان وقفات احتجاجية في منطقتهم أثناء إجراء اللجان للمعاينات، وصولًا إلى منع إجراءها أحيانًا، ما استدعى وصول مسؤولين من ديوان المحافظة ومديرية الإسكان لتهدئة اﻷهالي الذين نقلوا عن هؤلاء المسؤولين قولهم: «إحنا بننفذ تعليمات جايالنا من فوق».

وأعلن عضو مجلس النواب عن دائرة العريش، رحمي بكير، أنه قدم طلب إحاطة عاجل في مجلس النواب، لرئيس الوزراء ووزيري المالية والنقل والمواصلات، بشأن توسعة حرم ميناء العريش في منطقة سكنية أرضها مسجلة ومبانيها مرخصة وموصل لها المرافق الحكومية، وبها قرابة 4000 أسرة، والذين أشار بكير إلى أن «تعويضهم» سيكلف الدولة مبالغ كبيرة.

اعلان
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن