ترشيحاتنا لأهم أفلام الدورة الـ12 من بانوراما الفيلم الأوروبي
 
 

ليست مهرجانًا رسميًا ولا كبيرًا، لكن فعالية بانوراما الفيلم الأوروبي هي إحدى المناسبات السينمائية المهمة منذ أن نظمتها شركة أفلام مصر العالمية عام 2004، لتبني قاعدة جماهيرية على مدار السنوات، بسبب طبيعة اختياراتها، والتي تنتقي من بين أهم الأفلام التي عُرضت في المهرجانات الأوروبية في العام، لذا هي فرصة للاطلاع ومواكبة المشهد السينمائي العالمي للفاعلين في مجال السينما، وعلى شاشة كبيرة.

الدورة الثانية عشر لفعالية بانوراما الفيلم الأوروبي والتي تمتد من 6- 16 نوفمبر 2019 دورة دسمة وثرية، سواء من حيث عدد الأفلام المختارة من مهرجانات مختلفة وكبيرة هذا العام أو من حيث تنوعها ومستواها. تستقبل هذه الأفلام عدد من الشاشات تتوزع جغرافيًا على عدة محافظات، مثل الإسكندرية والإسماعيلية والدقهلية، بخلاف شاشات العرض الأساسية في القاهرة (سينما زاوية بقاعتيها 1 و2 ، وسينما الزمالك). يضم البرنامج عدة أقسام يقع تحتها عدد من العناوين، فهناك الروائي- التسجيلي- مخرجون صاعدون- علامات سينمائية- أفلام الطفل والأسرة، بالإضافة للقسم الجديد «هنا وهناك» والذي يعرض أفلامًا عالمية لا تندرج تحت التصنيف الأوروبي، وبرنامج «عروض خاصة» والذي يقدم أفلام قصيرة لطلبة سينما أوروبيين، وأفلام عربية إنجليزية قصيرة، بخلاف عدد من الأفلام الطويلة.

لمحاولة مساعدتكن/ م الإجابة على سؤال: من أين أبدأ؟ وسط هذا البحر، نقدم لكم ترشيحاتنا لأهم الأفلام لهذه الدورة.

من قسم: الروائي

الألم والمجد  Pain and glory

بيدرو ألمودوفار/ إسبانيا/ 2019

الفيلم الثاني والعشرون لألمودوفار والترشيح الأسباني لجوائز الأوسكار هذا العام هو الفيلم الأكثر ذاتية في مسيرة المعلم الأسباني الكبير. تسود الفيلم روح ميلودراما ألمودوفار المميزة لأفلامه ولمزاجه السينمائي بالإضافة إلى بالتة ألوانه الصاخبة.

يحكي الفيلم قصة المخرج سلفادور مالو في لحظة حرجة من حياته حيث بدأ جسده في الإذعان إلى آثار تقدم السن في ظل أزمة إبداعية تجتاح حياته بالترافق مع إطلاق نسخة مرممة من فيلمه الأول في ذكراه الثلاثين. يعيد سلفادور التواصل مع الممثل الرئيسي في الفيلم ألبرتو كريسبو بعد ثلاثين عامًا من القطيعة بسبب توتر ساد بينهم على إثر عملية إنتاج الفيلم، ومن خلاله يتعرف على تعاطي الهيروين. يثير الهيروين في مالو جدلًا بينه وبين ماضيه حيث يعود بذاكرته إلى قريته النائية ويتأمل في علاقته بأمه، وفي بزوغ رغبته الجنسية المثلية. يطلب كريسبو من مالو أن يمنحه نصًا كتبه عن علاقته العاطفية الأولى في الثمانينات ليؤديه كمونولوج مسرحي في الوقت الذي ينزلق فيه مالو أكثر فأكثر إلى إدمان المواد المخدرة. يتعرف صاحب مالو القديم على نفسه في مونولوج كريسبو ويتواصل مع مالو بغرض مقابلته. يتقابل الحبيبان السابقان للمرة الأولى منذ انفصالهما في ثمانينات القرن الماضي، وعن طريق هذا اللقاء يفهم مالو حجم مشكلته الإدمانية ويبدأ في رحلة للتعافي، من الإدمان ومن الماضي على حدٍ سواء.

لا ينفي بيدرو ألمودوفار ارتباطه بالفيلم حيث يقول صراحة في حديث مع «الجارديان» «لم يعد بإمكاني الاختباء» تعكس علاقة مالو بكريسبو علاقة ألمودوفار ذاته بأنطونيو بانديراس والجفاء الذي سادها لفترات، بالإضافة إلى ذلك فقد تم تصوير الفيلم في بيت ألمودوفار والذي ظهر كبيت لمالو–الأنا العليا لألمودوفار كما تظهر في فيلمه. على الرغم من ذاتية الفيلم الشديدة وقيمته الأكبر كدرس تأملي في العمر والذاكرة والعمل الإبداعي، فإن الفيلم يظل تجربة شديدة الامتاع لعشاق المخرج الكبير وللجمهور غير المتابع لأعماله في الوقت ذاته.

الجمعة 8 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

السبت 9 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

كبار في غرفة Adults in the Room

كوستا جافراس/ فرنسا، اليونان/ 2019

الفيلم الذي انتظره الكثير والمأخوذ عن الكتاب الذي يحمل نفس الاسم لوزير المالية اليوناني السابق يانيس فاروفيكس، يعرض الفيلم تفاصيل مفاوضات اليونان وقت أزمتها المالية في 2015 والتي قادها فاروفيكس ورئيس الوزراء وقتها آلكيسيس تسيبراس مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. مخرج الفيلم هو المخرج اليوناني الكبير كوستا جافراس صاحب فيلم «زد» الشهير. ورغم أن معظم أحداث الفيلم تدور داخل غرف المؤتمرات المغلقة لكنها تحمل الكثير من الدراما والصراع حول سبل حل الأزمة اليونانية. ستكون مشاهدة الفيلم فرصة لمعرفة ما يحدث داخل هذه الغرف المغلقة التي قلما نعرف ما يدور بداخلها، والتي قدم لنا فاروفيكس فرصة نادرة للاطلاع عليها. عرض الفيلم في البرنامج الرسمي لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي 2019.

 الثلاثاء 12 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

الخميس/ 14 نوفمبر/ 4 مساءً/ الزمالك

ملامح امرأة تحترق  PORTRAIT OF A LADY ON FIRE

سيلين سيامّا / فرنسا / 2019

تُقدم المخرجة والسيناريست الفرنسية سيلين سياما آخر قطعها السينمائية «بورتريه لسيدة تحترق»، والحاصل على جائزة أفضل سيناريو بمهرجان كان في نسخته الأخيرة، بإيقاع هادئ ومتمهل نسبيًا في القدر الأكبر من الشريط، عبر مزيج درامي تاريخي يؤلف ما بين القوالب الرومانسية الكلاسيكية إلى جانب العديد من المقاربات المعاصرة فيما يتعلق بتفحص النظرة الأنثوية (Female Gaze) في السينما، وإعادة تحرير مفاهيم العاطفة الجنسية التي تتفتح في إطار الوصاية الأبوية، ليشكل في النهاية ما يٌشبه البحث البصري في السمات النفسية للأنوثة. هكذا ينتظم الفيلم بشكل رئيسي في عمليات اختبار الرؤية، ونفاذها إلى العالم فيما يتعلق بالتشكيل والمنظور، من خلال اللمحات والنظرات المتواصلة، التي تحقق التوتر الأساسي للعمل وتخلق هذا الشعور المستمر بالمراقبة.

يقوم الفيلم بشكل أساسي حول حالة الافتتان التي تنشأ ما بين هيلوز (أديل هانيل) والرسامة ماريان (نويمي ميرلانت) والتي تكلف بمرافقة هيلوز حتى تتمكن من رسم بورتريه لها من الذاكرة، ليرسله إلى خطيبها في إحدى المدن الإيطالية، وذلك لعدم قبولها بالجلوس ليرسمها بشكل طبيعي بسبب تحفظاتها على الزواج منه. وترتبط الإشارات المرئية والمسوعة طوال الشريط بكل تطور سردي ذي صلة، على الرغم من أن الفيلم يأخذ منحًا سرديًا متعرجًا في بعض الأحيان، حيث تنتقل القصة إلى الأمام عبر سلسلة متتالية من الحزم البصرية فيما يشبه اللوحة التي تحتوي على العديد من الصور المصغرة بداخلها.

ويغيب أي حضور ذكوري طوال الفيلم تقريبًا إلا باستثناءات قليلة للغاية، وهو ما يدفع نحو ذلك التباين البصري ما بين المساحات الشاسعة المفتوحة على الجزيرة حيث تتمتع ماريان وهيلوز بكل الحرية للتجول فيها، والطبيعة الضيقة للعالم في وقت لاحق حيث يحجب الرجال ماريان من الظهور بالكادر تقريبًا. كما تميل الصورة أيضًا إلى التوزيع المنضبط للتدرجات ما بين الضوء والظلام ونسب التشبع بالألوان في تكوين الشخصيات بدقة شديدة.

ويعمد الفيلم بشكل كبير إلى تأطير الحدث المركزي المتعلق بالمؤامرة التي تقوم بها ماريان لرسم بورتريه هيلوز باعتباره زمن ميت أو غير هام في المجمل، فيتم التغاضي عنه سريعًا في مقابل التركيز بشكل أكبر على لحظات الصمت الطويل واللمحات المتبادلة ما بين الفتاتين، ومحاولة الإحاطة بهذه اللحظات، وبلوغ عمقها العاطفي أو استجلاء الفاعلية الشعرية للذاكرة، هكذا لا ينشغل فيلم «ملامح امرأة تحترق» باتباع الحدث بشكل صارم في تطوره الدرامي للنهاية، إنما يؤسس أكثر لمساحة شعورية تتيح الفرصة للتأمل في هذه العلاقة. كذلك يعمل الفيلم على الاقتصاد في استخدام الموسيقى لحد كبير، فلا تظهر في النصف الأول من الفيلم تقريبًا سوى مرة واحدة في صورة مقطوعة تحاول ماريان عزفها لهيلوز قبل أن تنفجر بأداءات موسيقية أوركسترالية في اللحظات الختامية من الفيلم.

الخميس 14 نوفمبر- 7 مساءً/ زاوية

 نأسف لأنك لم تجدنا Sorry we missed you

كين لوتش/ المملكة المتحدة، فرنسا، بلجيكا/ 2019

آخر فيلم للمخرج كين لوتش الذي فاز فيلمين من أفلامه بجائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي وهما The Wind That Shakes the Barley عام 2006، وفيلم I, Daniel Blake عام 2016، الأمر الذي لا يتكرر كثيرًا. لوتش ناشط اجتماعي وسياسي، تمتاز أفلامه بخط النقد الاجتماعي، وعندما أنتج عدة حلقات لسلسلة مسرحية الأربعاء والتي كانت تقدمها قناة «بي بي سي»، كان مهتمًا بشكل أساسي بتسليط الضوء على تأثير النظام الاقتصادي على الطبقة العاملة، وهو الخط الذي اتبعه في العديد من أفلامه بعد ذلك مثل فيلم Which Side Are You On؟ والذي كان يسجل الأغاني والقصائد الخاصة بإضراب عمال المناجم في بريطانيا. كان عدد من أعمال لوتش محط إثارة للجدل، مثل مسرحية Perdition والتي تصور شبه صفقة بين أعضاء في الحركة الصهيونية وبين النازيين لنقل بعض اليهود إلى فلسطين مقابل غض الطرف عن إرسال آخرين للمحرقة. يذكر أن لوتش من الداعمين لحركة المقاطعة الثقافة والأكاديمية لإسرائيل.

هذا الفيلم الذي يُعرض له في نسخة هذا العام في البانوراما ليس بعيدًا عن خط النقد الاجتماعي، إذ يعرض عائلة تحاول تخطي أزمتها المادية، يترك الأب وظيفته ليعمل في وظيفة جديدة على أمل تحسين دخله، مستمعًا لكلام مديره الذي يقول كلامًا من نوعية «أنت لا تعمل عندنا، بل تعمل معنا» وغيرها من الجمل التحفيزية الخاصة بشركات الاقتصاد الحديث، لكن هذا لا يشير إلى الواقع في شيء، يحاول العمل حرًا إلا أن الأمور لا تسير حسب ما هو مخطط لها. فيلم حساس عن أزمة النيوليبرالية المعاصرة من خلال عدسة ضيقة على حياة أسرة، تحاول ألا تغرز في الرمال المتحركة أكثر فأكثر.

الجمعة 15 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

السبت 16 نوفمبر/ 7 مساء/ الزمالك

الحقيقة The truth

كوري إيدا هيروكازو/ فرنسا، اليابان/ 2019

رغم عدم تلقيه لذات الثناء النقدي الذي تلقاه فيلمه الفائز بالسعفة الذهبية العام الماضي «سارقو المتاجر» يظل فيلم المخرج الياباني هيروكازوكوريدا الأخير –والأول له خارج موطنه- «الحقيقة» عملاً لافتًا ومثيرًا للانتباه. فبخلاف التألق الشديد لكاترين دونوف في دور فابيان الأم، أتت بقية الآداءات–وبخاصة أداء الطفلة كليمنت جرينييه ‎(في دور شارلوت) الذي يرسخ مكانة كوريدا كأحد أكثر المخرجين تمكنًا من إدارة وتوجيه الممثلين الأطفال- على قدر كبير من الحساسية والانتباه إلى دقة المادة الدرامية التي تعتمد في تطورها على انفعالات دقيقة لا على متغيرات خارجية متفجرة.

يروي الفيلم قصة زيارة عائلية تقوم بها الابنة لومير –تقوم بدورها جولييت بينوش- إلى بيت والدتها برفقة ابنتها وزوجها. تعمل لومير ككاتبة سيناريو في باريس في حين يعمل زوجها كممثل في أعمال تليفزيونية. الأم هي فابيان، ممثلة تحتل مكانة أسطورية في السينما الفرنسية. بالترافق مع زيارة ابنتها تصدر فابيان سيرتها الذاتية –المملوءة بالتصوير غير الواقعي لحقيقة علاقتها بابنتها- بينما تشرع في بدء فيلم خيال علمي جديد مع النجمة الصاعدة بقوة مانو. تتوازى أحداث الفيلم داخل الفيلم –وهو فيلم خيال علمي تدور قصته حول أم تختار أن تترك ابنتها لتجمد عمرها على كوكب بعيد وتعود لزيارتها كل عدة عقود- مع تعقد علاقة لومير وفابيان ومع بعث ذكريات صداقة فابيان مع غريمتها الحميمة الممثلة سارة التي ماتت في شبابها بعدما ساءت صداقتهما.

بحسب تقرير لـ «رويترز» فإن جولييت بينوش سعت وراء كوريدا لعدة سنوات لدفعه للعمل معها، لم يستجيب كوريدا إلا حينما فكر في الطائرة في طريقه من باريس أن لديه مشروع مسرحية بدأ في كتابته في 2003 يمكن صنعه في فرنسا بتعاون بين جولييت بينوش وكاترين دونوف. يمثل «الحقيقة» صدى إبداعيًا وشخصيًا لصناعه؛ حيث يحتفظ الفيلم بالتيمات المعتادة في أفلام كوريدا، العائلة والذاكرة والحقيقة ذاتها، بينما لا يبدو الفيلم غريبًا عن بيئته بل يبدو وكأنه دراما عائلية فرنسية أخرى مثل «ساعات الصيف» لأوليفييه أساياس والذي تلعب فيه جولييت دور ابنة لأم طاعنة في السن، يسود بينها وبين تركة أمها –المادية والمعنوية- قدر كبير من المشاعر المعقدة. كذلك الحال بالنسبة لكاترين دونوف التي تكاد تمثل شخصية «كاترين دونوف» في الفيلم وإيثان هوك في دور يذكر –وإن كان بشكل خافت- بدوره في ثلاثية القبليات الشهيرة الخاصة بريتشارد لينكلاتر.

بإيقاع هادئ لا يخلو من سرد محكم وتطور مترابط للحبكة يدعو «الحقيقة» المشاهدين لرؤية أنفسهم وحياتهم العائلية وتعقيدات علاقاتهم بمحبيهم بعين واعية تشوبها شاعرية كبيرة.

الخميس 7 نوفمبر/ 7 مساءً/ سينما الزمالك

الجمعة 15 نوفمبر/ 10 مساء/ زاوية

 أعطني الحرية Give me liberty

كيريل ميكانوفسكي/ الولايات المتحدة الأمريكية/ 2019

الفيلم منخفض الميزانية والذي عٌرض في مهرجان ساندانس بالولايات المتحدة الأمريكية ومن بعده في أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي الدولي يستحق المشاهدة، صنع ميكانوفسكي فيلمه من وحي تجربة شخصية كأمريكي من أصل روسي عندما كان يعمل سائقًا لنقل ذوي الاحتياجات الخاصة في ميلوكي بالولايات المتحدة. استقبل النقاد الفيلم بكثير من الحفاوة تحديدًا لجرأة المخرج في تجربته الروائية الطويلة الثانية، وللسيناريو المحكم المتصاعد الأحداث المليئة بالكوميديا السوداء.

الأربعاء 6 نوفمبر/ ٧ مساءً/ زاوية

الثلاثاء 12 نوفمبر/ ٧ مساءً/ الزمالك

عيد القربان  CORPUS CHRISTI

جان كوماسا / فرنسا – بولندا / 2019

يتكل المخرج البولندي جان كوماسا في محاولته السينمائية الأخيرة «عيد القربان»، والذي عٌرض مؤخرًا ضمن إطار البرنامج الرسمي لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، على العديد من القطع والأدوات البصرية الموثوقة في توليف مادة مرئية حيوية وفاحصة بشكل كبير. فيعمل على توليد نوع من التوتر المشحون والقلق المستمر بكل الإطارات الممكنة لإعادة استكشاف المزيد حول ما قد يتعلق بمفاهيم الإيمان الزائف أو الإيمان الحقيقي وما سيرتبط بها من موضوعات الخلاص والتضحية واللعنة والإنتقام. يذهب كوماسا بعيدًا كذلك في سعيه لبحث واكتشاف ديناميات الهياكل الاجتماعية والمجموعات الصغيرة، والصراع ما بين الطبقات، وتفكيك وانتقاد هياكل السلطة، والتعاطف مع المنبوذين.

يأخذ الفيلم طابعًا جافًا ومنضبطًا بأغلب الفترات ليثير قدرًا من الأسى والارتياب المكتوم لحد كبير، حيث يدور بشكل أساسي حول دانيال، الذي قام بأداءه الممثل (بارتوس بيلينيا) ببراعة مذهلة، أحد السجناء بدار للأحداث في بولندا، والذي يحصل على إطلاق سراح مشروط بعد قيامه بالخدمة الدينية في كنيسة الدار لبعض الوقت، ليعمل على انتحال شخصية كاهن بإحدى القرى الصغيرة حيث يقنع مارتا (إليزا ريسمبيل) وأمها المريضة (ألكسندرا كونيشنا) والتي تعمل كراع مؤقت للقرية، ليبدأ في تلقي الاعترافات وإلقاء العظات قبل أن يبدأ ماضيه في التكشف أمامه من جديد.

يميل الفيلم بشكل كبير إلى التقديم البصري في تأطير الشخصيات أكثر من توفير إرشادات درامية تقليدية، مما يخلق نوعًا من التشكك الدائم في حقيقة نواياها أو مدى صدقها في النهاية، ما قد يدفع الفيلم أحيانًا ليبدو كنوع من الدراسة للشخصيات بشكل أكبر من الثيمات والعناصر التي يتناولها. كما يعمل أيضًا على محاولة ابتكار تصورات جديدة فيما يتعلق بفساد المؤسسات الدينية، فطالما كان الكاهن هو الشخص صاحب الإيمان المفقود الذي يمتلك شرعية السلطة للتحكم في الفرد، بينما دانيال يبدو كشخص مضطرب تمامًا بالإيمان، وقادر دومًا على إيجاد الكلمات المطمئنة والسليمة، وإن كان في النهاية مجردًا من هذه الشرعية الدينية.

كما يعمل كوماسا وبصحبة مدير التصوير بيتر سوبوسيسكي على محاولة ابتكار طبقات سردية أخرى من خلال استخدام كل الإمكانات المتاحة للصورة، بتوظيف الإطارات الثابتة والتحولات في الألوان وتدرجات الإضاءة في تقديم الحالات الداخلية للشخصيات، وكذلك في الاعتماد على الإضاءات المختلفة والمتباينة لخلق ملمس ناعم للصورة يعمل على تحقيق نوع من الانسيابية في التتابع. كما يتحمل الصوت جانبًا كبيرًا بهذا الفيلم في عملية إنتاج التوتر بحيث يسري من أعماق الصورة فيما يشبه الطنين المستمر ليحقق المزيد مستوى فهم أو تبيين هواجس المستمرة للشخصيات.

الإثنين 11 نوفمبر – 7 مساءً/ زاوية

الخميس 14 نوفمبر – 10 مساءً/ الزمالك

الأب The Father

كريستينا جروزيفا، بيتر فالشانوف/ بلغاريا، اليونان/ 2019

تدور أحداث الفيلم في الريف البلغاري، وربما تبدو القصة تقليدية حيث يواجه الأب وابنه فقد الأم وزوجة لكن هناك طبقات كثيرة للاكتشاف، أولها تاريخ عابر لهذا البلد الصغير الذي كان يومًا جزءًا من الكتلة الشرقية حيث يتراوح المجتمع بين الميراث الحكم الشيوعي وتدينه الشديد ذي المسحة الروحية. لا يكتفي الفيلم بالتعرض للمجتمع البلغاري بخفة شديدة، بل أيضًا يتعرض للجانب السياسي والمؤسسي في أكثر المشاهد سخرية. إلى جانب التمثيل الرائع والهادئ هناك أيضا شريط سينمائي بديع خاصة في المشاهد الخارجية، هناك أيضًا ولع شديد بالتفاصيل مغزول بحرفية شديدة حيث لا تكاد تكون ملحوظة، سيناريو محكم مليء بالسخرية والكوميديا التي سرعان ما تتحول للتعاطف الشديد مع أزمة الفقد التي تباعد بين البطلين وتعاود لتقربهما من بعضهما البعض مرة أخرى.

الأحد 10 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

الثلاثاء 12 نوفمبر/ 4 مساءً/ الزمالك

رجل وامرأة X&Y

أنا أوديل/ السويد/ 2019

 من مجال الفنون البصرية تأتي المخرجة السويدية آنا أوديل بفيلمها الروائي الأول الطويل إكس وواي. الفيلم السويدي يذكر بأعمال تشارلي كوفمان السريالية وخاصة فيلمه الروائي الطويل الأول كمخرج «نيويورك سينيكدوكي».

يروي إكس آند واي عملية صناعة فيلم حيث تشترط المخرجة/ الممثلة آنا أوديل –كشخصية في الفيلم- على الممثل السويدي الأشهر ميكل بريسبانت أن يتبعا عملية معقدة تتضمن أن يقيما سويًا في ستوديو مغلق طوال فترة الإعداد للفيلم على أن يصاحب كل منهما ثلاثة ممثلين آخرين يؤدي كل منهم نسخة من الأنا العليا للشخصية على أن يبقى الجميع مندمجًا في الأداء طوال مدة إقامتهم في الاستوديو، نافيًا لذاته الحقيقة بالكامل. تطور علاقات الممثلين ببعضهم البعض في حين تواجه العملية الإنتاجية للفيلم عقبات إبداعية وإنتاجية متنوعة.

يموه الفيلم حدود الواقع والخيال. من متابعة الأحاديث الصحفية لآنا فإن عملية صناعة الفيلم لم تبتعد عن قصته، حيث واجهت آنا مشكلات إنتاجية في تمويل الفيلم أدت إلى إبعاد منتجها الأول عن المشروع والاستعانة بمنتجين آخرين بسبب تمسكها بعملية صناعة لا تقر وجود سيناريو جاهز للعمل وإنما –مثلما يظهر- أقامت مع بريسبانت والممثلين لتطوير العمل. تقول أوديل إنه تم تصوير هذه المرحلة على سبيل الاختبار لكن تم الانتهاء من سيناريو قبل الشروع في التصوير.

على غير العادة، لا تتحفظ المخرجة في أحاديثها الصحفية عن الحديث عن غرضها من الفيلم. ترجع أوديل اختيارها لبريسبانت لكونه أيقونة ذكورية في السينما السويدية وفي رغبتها في أن تشتبك مع هذا النمط من الذكورة. لكنها تذكر الحقيقة والهوية والإعلام كموضوعات يطرحها فيلمها كذلك. في الأخير، يبدو فيلم أوديل مرتبكًا في بعض الأحيان فيما يمكن أن يٌفهم منه، لكنه في جميع الأحوال فيلم طريف ومسلي ومثير للخيال.

الأحد 10 نوفمبر/ 7مساءً/ الزمالك

الثلاثاء 12 نوفمبر/ 10 مساءً/ زاوية

يوم أبيض للغاية White White Day

هلينور بالماسون / أيسلندا، الدنمارك، السويد/ 2019

في الفيلم الروائي الطويل الثاني له، يقدم المخرج هلينور بالماسون تحفة سينمائية تستدعي الكثير من الاهتمام، بعد نجاح فيلمه الأول «أخوة الشتاء» عام 2017، وضع بالماسون قدمه بقوة كأحد أهم المواهب في السينما الأوروبية، يقدم لنا بالماسون نفسه في فيلم «يوم أبيض للغاية» بقصة مثيرة للاهتمام عن شرطي خارج الخدمة في بلدة إيسلندية نائية، يشك في أن زوجتة المتوفية في حادثة نراها مبكرًا، كانت تخونه مع أحد الأشخاص في البلدة، ويبدأ في تعقبه في أجواء من الغموض والإثارة الهادئة التي لا تفصح عن نفسها بصراحة، لكن تستطيع أن تراها في كل حركة ولقطة وصوت، اعتمد بالماسون بداية من المشهد الافتتاحي للفيلم والبداية الخاطفة غير المتوقعة مرورًا باللقطات الطويلة للطرق الضبابية والكاميرا الثابتة التي تنقل الحدث في جمود وترقب، وتجنب القطع تمامًا أن ينقل لنا الأجواء التي يعيش فيها البطل، وكيف يرى الأشخاص حوله. نبدأ في استكشاف الحياة في هذه البلدة النائية وعلاقة أهلها ببعضهم، بجانب العامل البصري الذي كسر كل القيود وانطلق بحرية تامة، استنادًا إلى طريقة حكي جديدة ومثيرة وآفاق جديدة لرؤية الصورة وتتابع الصور، بدون أن يفقد محاولة اقتفائه للون الأبيض الذي له دور كبير في سرد الأحداث. نستطيع أيضًا أن نري هوس الشاشات الكبيرة وكاميرات المراقبة حاضرًا بقوة في الشريط البصري للفيلم في تمرد تام على كل ما له علاقة بالأشكال التقليدية لإنتاج الصورة. بجانب نهاية الفيلم غير المتوقعة تمامًا والحضور القوي للمخرج.

الإثنين 11 نوفمبر/ 10 مساءً/ الزمالك

الجمعة 15 نوفمبر/  10 مساءً/ زاوية

الخائن The traitor

ماركو بيلوتشيو/ إيطاليا/ 2019

ليست مجرد قصة واشٍ عادي، لكنه واشٍ عن أكبر منظمة إجرامية عالمية، واشٍ من داخل المافيا. يصور الفيلم قصة توماسو بوسكوتا على نطاق زمني من 30 عامًا. بوسكوتا لم يش فقط بأعضاء منظمته لكن أيضًا ببعض السياسيين الذين تربطهم علاقات بها، لذا فإن قصته ليست بالعادية. عمل بوسكوتا مع المافيا في إيطاليا ونيويورك والبرازيل منذ عام 1945، تعرض للإيقاف من قِبل السلطات في كل هذه البلاد أكثر من مرة، لكن ما سيكون له الأثر في تغيير مساره هو اختفاء اثنين من أبنائه وزوجته عام 1982، وعدد من أقربائه الآخرين، أثناء الحرب على المافيا، لذا فعندما تسلمه السلطات البرازيلية إلى إيطاليا، وبعد أن يفشل في إنهاء حياته بيده سيقرر أنه لا سبيل إلا أن يقول كل شيء. فيلم مُحكم ذو خطوط مباشرة يقدّم المخرج به توثيقيًا لفترة كبيرة ومهمة من تاريخ إيطاليا الحديث.

الجمعة 8 نوفمبر/ 10 مساءً/ زاوية

السبت 9 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

 أجنس فاردا

ينسب البعض لفاردا إنجاز صنع أول فيلم من أفلام الموجة الجديدة في فرنسا بفيلمها «لا بوان كو » (إنتاج 1955) فيما يعزي البعض ذلك الفضل إلى فيلم كلود شابرول «لو بو سيرج» (1958) وفيلم فرانسوا تروفو «400 ضربة»، آخرون يختلفون على نسبة فاردا للموجة الجديدة أصلًا ويجمعون بينها وبين آلانرينيه وكريس ماركر وجاك ديمي ومارجريت ديورا وويليام كلاين في مدرسة سينمائية مستقلة هي مدرسة الشاطئ الغربي. أيًا كانت صحة التصنيفات الفنية وحقيقتها فمن المؤكد أن أجنس هي واحدة من أهم وجوه الحركة السينمائية الفرنسية في الخمسينات والستينات إن لم تكن أهمها على الإطلاق.

ولدت فاردا عام 1928 في بروكسل لأب يوناني الأصل. تخرجت من جامعة السوربون ببكالوريوس في الأدب والفلسفة قبل أن تتجه إلى دراسة الفوتوغرافيا. عملت فاردا كمصورة فوتوغرافية قبل أن تجتذبها السينما. بخلاف أقرانها في مجموعة كراسات السينما ومجموعة الشاطئ الغربي، لم تكن فاردا محبة للسينما كفن بصفة خاصة، بل إنها لم تكن قد شاهدت سوى أفلام معدودة بحلول منتصف الخمسينات. على الرغم من ندرة استهلاكها للوسيط، صنعت فاردا فيلمها الأول «لو بوان كور» حينما كانت في الخامسة والعشرين من العمر عبر تعاونية أسستها خصيصًا لانتاج الفيلم، ومن خلاله تعرفت على آلانرينيه الذي عمل معها كمونتير. بسبب فشل الفيلم التجاري توقفت فاردا عن صنع الأفلام الطويلة لمدة سبع سنوات، في تلك الفترة صنعت عدة أفلام قصيرة إلى جوار استمرارها في العمل كمصورة فوتوغرافية. في عام 1961 عادت فاردا بفيلمها الروائي الطويل «كليو من الساعة 5 وحتى الساعة 7» لتحفر لنفسها اسمًا ومكانة لا تزول في تاريخ السينما.

على مدار مشوارها الفني ستعود فاردا للثيمات نفسها التي جعلتها تصنف من بين أعظم صانعات الأفلام النسويات على مر العصور. ستعنى فاردا بصفة خاصة بكيفية تصوير النساء وقضاياهن على الشاشة. في سعيها لأن تكون «نسوية مرحة» على حد تعبيرها ستكتشف فاردا طرائق متنوعة للتعبير وللعمل على الأفلام بتقنيات سردية مختلفة وإنتاج يتنوع بين الروائي والوثائقي والأفلام الطويلة والقصيرة وما بين كل ذلك.

تحتفي البانوراما في هذا العام بمجموعة من الأفلام التي تحاول أن تمثل الإنتاج العريض للمخرجة الفرنسية الكبيرة التي رحلت عن عالمنا في مارس من هذا العام عن عمر يناهز التسعين بعدما ظلت تصنع أفلامًا حتى عامها الأخير.

سيعرض لفاردا فيلمها الأنجح نقديًا «كليو من الساعة 5 وحتى الساعة» وفيلمها الحاصل على الأسد الذهبي «متشردة»، كذلك سيعرض البرنامج فيلمها الأخير «فاردا تتحدث عن أجنس » بالإضافة إلى «الحاصدون والحاصدات» و«جاكو الآتي من نانت».

فاردا تتحدث عن آنييس  VARDA PAR AGNES (2019): السبت 9 نوفمبر/ 1 مساءً/ زاوية

كْلِيو من 5 إلى 7 / CLEO DE 5 A 7 (1962): الإثنين 11 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

المتشردة Vagabond  (1985): الأربعاء 13 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية  

الحاصدون والحاصدات (2000) LES GLANEURS ET LES GLANEUSES: الخميس 14 نوفمبر/1 مساءً/ زاوية

جاكو الآتي من نانت / JACQUOT DE NANTES (1991): الجمعة/ 15 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

 

الوثائقي

طيور فقيرة Scheme Birds

إلين فِسك، إلينور هالين/ المملكة المتحدة، السويد/ 2019

فيلم وثائقي يبدو أشبه بفيلم روائي (وفي هذا الجانب هو مصنوع بحرفية جيدة). Scheme Birds قصة ناعمة إن لم تكن خالية تمامًا من الألم عن الوصول إلى سن البلوغ، تتبع بضع سنوات في حياة جيما، وهي مراهقة صعبة لكنها عذبة تعيش في مدينة ماذرويل الصعبة جنوب شرق جلاسجو.

جيما عضوة في مجموعة مشاغبين – يشار إليها محليًا باسم جماعة «Scheme Birds» – تضم صديقها بات وبضع أصدقاء آخرين. ويتكشف أمامنا جانبها الألطف في المشاهد التي تتشاركها مع جدها والوصي عليها، جوزيف، وهو مدرب ملاكمة وفي نفس الوقت هاوي تربية حمام مخلص (حيث تركها أبواها في رعايته عندما كانت طفلة). «في هذه المدينة إما أن تُحبَسي أو تحبلي» هذا ما تقوله جيما دون كثير من الأسى في بداية الفيلم، وهي نبوءة تحقق نفسها: فسرعان ما تحبل جيما نفسها على يد بات، الذي قضى بدوره جزءًا كبيرًا من عمره القصير في السجن، وعندئذ تقسم أن تعيش بشكل أكثر تحملًا للمسؤولية، ونراها تتحول إلى شابة حكيمة وقوية ومرنة.

تجربة جيما مع الأمومة هي قلب الفيلم، حيث تقدم بعضًا من أكثر لحظاته بقاءً في الذاكرة. هذا بالإضافة إلى حدث عنيف على نحو مروع يغير حياتها بطريقة لا رجعة فيها. من المثير أننا، طوال الفيلم، نسمع باستمرار عن العنف الذي تعج به شوارع ماذرويل، لكننا لا نراه أبدا بالفعل – بل نرى آثاره فقط. مع ذلك فإن هذا المنهج المثير هو ما يمنح الفيلم قوته، كما يُقصي حقيقة أن المخرجتين – إيلين فيسك وإلينور هالين – ليستا من أبناء المدينة، ولا حتى أسكتلندا كلها (فهما في الحقيقة سويديتان).

لا يعني هذا أن الفيلم ليس شجاعًا، لأنه يستقي جمالياته بوضوح من أعمال شخصيات من جماعة Kitchen Sink/حوض المطبخ الواقعية السينمائية مثل كين لوتش وأندريه أرنولد. مع ذلك، لا تحاول المخرجتان قط فرض وحشية مفتعلة على الفيلم؛ بل تهتمان بالحميمية والعلاقة الإنسانية، مظهرتين الحياة الخاصة لأبطالهما، بكل ما فيها من أمل وإحباط، بإخلاص محكم ونابض بالحياة.

الخميس 7 نوفمبر/ 1 مساءً/ الزمالك

الأحد 10 نوفمبر/ 1 مساءً/ زاوية

حجرة الرجال Men’s Room

بيتر سومر ويو فيموند سفنسن/النرويج/2018

فيلم وثائقي تقليدي وبسيط، يشبه طبيعة شخصياته، يشبه طبيعة حكايتهم نفسها: حكاية الصداقة والموت. أبطال الفيلم عبارة عن مجموعة رجال تجاوزوا العقد الرابع من عمرهم ويكوّنون معًا فريق كورال يجتمع أيام الثلاثاء بشكل دوري وحميم للمرح والتدرب على الغناء تحت قيادة إيفار كروج. اكتشف إيفار مرضه بالسرطان قبل شهور من حفلة فريق بلاك ساباث التي سيشاركون فيها ككورال تهيئةً لغناء أوزي أوزبورن ورفاقه، اكتشفه وينتظر موتًا يتأخر خلال تلك الشهور أيضًا.

فريق الكورال أقدم من إيفار، لهم تقاليدهم وعاداتهم ونكاتهم وتعليقاتهم التي ابتلعت جدية إيفار في بداية علاقته بهم وابتلعت محنته في نهايتها أيضًا. خمسة وعشرون رجلًا متوسطي الموهبة ونهمين، يغازلون النساء من جمهورهم ويحتسون البيرة والوقت والنكات الإباحية والأغاني البذيئة في مواجهة موت إيفار، الرجل رقم ستة وعشرون. يتتبعهم كذلك مخرجا الفيلم طوال خمس وسبعين دقيقة ليصبحا بذلك الرجلين رقما سبعة وعشرون وثمانية وعشرون. المخرجان بكاميراتهم ومسجلات الصوت يغنيان معهم أغنية بصرية لا تهدف إلا إلى تسجيل هذه الرابطة التي تربطهم معًا أمام الزمن. ثمانية وعشرون رجلًا يقرأون ويستمتعون بجمال اختلاف شخصياتهم وجمال فريق كورالهم تبعًا لذلك، جمال تجمعهم الذي يبتلع أخطائهم الفنية ويصحّحها لهم قائدهم بأريحية حتى إن كان ذلك أمام الجمهور. ثمانية وعشرون رجلًا ناضجًا يعرفون حتمية الموت ويقتربون منه كلما مرت الأيام فيتخذ الفيلم من العد التنازلي هيكلًا لبناء الفيلم؛ 12 أسبوع قبل حفلة بلاك ساباث، تسع أسابيع، ست أسابيع، ثلاث، أربع وعشرون ساعة، هل سيلحق بهم قائدهم؟

السبت 9 نوفمبر/ 1 مساءً/ زاوية 2

الأربعاء 13 نوفمبر/ 1 مساءً/ الزمالك

Diego maradona دييجو مارادونا

آسف كاباديا/ المملكة المتحدة/ 2019

هاتف المنتج بول مارتن المخرج كاباديا الذي أخرج الفيلم الوثائقي الشهير «إيمي» عن حياة المغنية الشهيرة إيمي واينهاوس، وفيلم «سينا» (1910) عن أشهر لاعبي سباق السيارات البرازيلي آيرتون سينا الذي فاز ببطولة الفورملا ثلاث مرات،  ليخبره أنه حصل على مواد أرشيفية تخص أسطورة كرة القدم مارادونا، ليكتشفا بعد ذلك مواد مع اثنين من المصورين، ثم مواد أخرى مع زوجته السابقة كلوديا في بيونس أيريس محل ولادته بالأرجنتين، ليكون معهم 500 ساعة أرشيفية ليعمل المخرج عليها في إخراج فيلمه. من فيلميه السابقين نعرف أن كاباديا خبير في هذا النوع من الوثائقيات، الحفر في الأرشيف الشخصي ليصنع قصة تحاول تجاوز العناوين العريضة التي تقّدم بها الأساطير في الإعلام، من خلال التوغل أكثر في تفاصيل حياتهم الشخصية والتأمل في الظروف التي أحاطت بصعودهم، في سعي لتخفيف وهج الهالة التي تحيط بهم، لتقديم نسخة إنسانية تصورهم أشخاصًا عاديين، بالطبع قد ينتهي الأمر لينفخ أكثر في صورة الأسطورة، لكن هذا لا يقلل من الجرعة التشويقية التي يقدمها الفيلم.

الخميس 7 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

السبت 9 نوفمبر/ 4 مساءً/ الزمالك

ترانزنيسترا  TRANSNISTRA

 آنا إبرون/ السويد، بلجيكا/ 2019

 هذا الفيلم الوثائقي الرقيق وغير الاعتيادي للمخرجة السويدية آنا إبرون Ana Ebron يتتبع عامًا في حياة مجموعة من المراهقين في جمهورية ترانسنيستريا المجهولة بالنسبة لأغلب الناس، والتي تقع ما بين مولدوفا وأوكرانيا، وحيث يبدو وكأن الاتحاد السوفييتي لم يسقط قط.

تانيا ذات الستة عشر عامًا هي مركز الفيلم، إلى جوار خمسة أصدقاء ذكور (جميعهم من نفس السن) يتنافسون على حبها. جرى تصوير الفيلم بكاميرا 16 مللي، وبأسلوب جميل يقتنص لحظات مثل تلك التي يستحم فيها أفراد المجموعة في بحيرة، أو يتسكعون في مبان مصنع مهجور ويخططون للمستقبل بعد الدراسة. بتناغمه الحريص وتكويناته الأسلوبية وشخصياته الجذابة، ينساب الفيلم بطريقة أشبه إلى حد كبير بعمل خيالي، لكنه بالفعل وثيقة مثيرة عن المكان الذي يصوره، حيث يبدو كل شيء عتيق الطراز لكن الفتية لا ينفصلون عن هواتفهم الذكية، بنفس الطريقة التي يسير عليها الفتية الآخرون في كل مكان آخر تقريبًا في العالم.

في الوقت الذي قد يبدو الفيلم مملًا بعض الشيء في البداية، مع تركيزه على غرام المراهقة الذي يربط بين تانيا وصبي إثر آخر، إلا أنه يغدو أكثر جاذبية في نصفه الثاني، عندما نرى شقيق تانيا الأصغر وهو يرتاد أكاديمية عسكرية – حيث نرى الخطاب السوفييتي ما زال حيًا إلى حد كبير في ذلك الركن الغامض من أوروبا – وبينما نشاهد المزيد من علاقة تانيا الأعمق: الصداقة التي تتقاسمها مع توليا؛ وهو صبي مضطرب ضعيف البصر، ولديه صعوبات في النطق يهدد أبواه بإرساله إلى مصحة عقلية.

للوهلة الأولى، قد يبدو فيلم Transnistra فيلمًا خفيفًا عن العذابات البسيطة لحياة المراهقة، لكنه بالفعل نظرة ثمينة إلى واحد من مجتمعات أوروبا المنسية.

الخميس 7 نوفمبر/ 1 مساءً/ زاوية

الخميس 14 نوفمبر/ 4 مساءً/ الزمالك

 إيقاع لشبونة  LISBON BEAT

ريتا مايا-  فاسكو فيانا / البرتغال / 2019

تنطلق الدي جي ومذيعة الراديو البرتغالية ريتا مايا برفقة المصور السينمائي فاسكو فيانا بتجربتهما الفيلمية الأولى (إيقاع لشبونة) فيما يشبه الرحلة البصرية المركبة عبر ضواحي وجيتوهات لشبونة الموسيقية، والتي ظهرت فعليًا بأواخر السبعينات إبان الثورة في البرتغال وتحرر المستعمرات لاحقًا، في محاولة لتتبع واقتفاء الأثار الحيوية لهذا المشهد الموسيقي المتسع، وفهم أصول هذه العلاقات المعقدة ما بين هؤلاء الموسيقين والمدينة بما يترتب عليها من أوضاع قاسية وصراعات هوياتية في النهاية.

يقوم الفيلم بمتابعة المسارات المتقاطعة للعديد من الموسيقين المستقلين من المهاجرين الأفارقة بالأحياء الفقيرة في لشبونة، مع التركيز على تأثيرات الأصوات الإفريقية والمستقبلية والتقنيات الإيقاعية والألات المختلفة، والنظر في عمليات التحرير الموسيقي والتركيبات ما بين الموسيقات الرقمية والتناظرية وتدخلات الهوية في تحديد هذه التوجهات على الموسيقيين ليأخذ الفيلم في النهاية نهجًا بحثيًا لحد كبير.

ويستخدم الفيلم المادة البصرية في أغلب الأحيان فقط كشهادات مرئية، فيما تقود الموسيقى المتفجرة منذ البداية أجزاء الإيقاع الفيلمي بشكل أكبر، فيحاول العمل أكثر الوقت رصد هذه العلاقات بموضوعية دون أن يفقد عفوية الحركة والانجراف الموسيقي في النهاية. ويبدأ الفيلم بتصدير سياسي يوضح الأوضاع الاجتماعية في البرتغال منذ السبعينات، وأسباب الهجرات الإفريقية المختلفة إلى لشبونة خلال هذه الأوقات، ومن ثم تنطلق الموسيقى منذ البداية فيما يشبه الحفل المستمر طوال الوقت، والتي يتم القطع فيما بينها ومشاهد المقابلات مع الموسيقيين لأغلب فترات الفيلم.

وكان الفيلم قد عرض في إطار البرنامج الرسمي لمهرجان شيفيلد للسينما التسجيلية في نسخته السابقة، كما حصل على جائزة الموسيقى المستقلة بمهرجان إندي لشبونة الموسيقي عام 2019.

الأربعاء 6 نوفمبر/ مساءً/ الزمالك

الإثنين 11 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

اختفاء والدتي  THE DISAPPEARANCE OF MY MOTHER

بنيامينو باريزي / إيطاليا / 2019

يباشر المخرج الإيطالي بنيامينو باريزي فيلمه الوثائقي الطويل الأول «اختفاء والدتي» من بعض العناوين الافتتاحية بتصدير شخصي للغاية فيما يتعلق بولعه الشديد دومًا لالتقاط الصور، ومن ثم عن والدته وكونها أول موديل يقوم بتصويره منذ كان صغيرًا، وعن رغبتها أخيرًا بالرحيل والاختفاء بعيدًا عن كل هذه الحياة في المدن. وذلك قبل أن نتبين فيما بعد أن والدته هي نفسها عارضة الأزياء المعروفة والمثيرة للجدل، أحد رموز الموجة الثانية من الحركة النسوية بالستينات بينيديتا بارزيني. هكذا يبدأ باريزي بتوليف قطعته السينمائية الجذابة، للعمل على تأريخ تعقيدات حياة المرأة التي لطالما أعجب بها دومًا.

تأتي الإشارة لاختيار عنوان «اختفاء والدتي» كلمحة حميمية شبه واضحة تقريبًا، إلا أنها قد تعبر كذلك عن مدى التناقض ما بين المخرج ووالدته، فهو مفتون تمامًا بالتصوير طوال الوقت وبكل الأوضاع بينما هي تحاول تجنب عمليات التصوير قدر الإمكان، وتبدو دومًا غير مكترثة لمظهرها في مواجهة آلات التصوير، بما قد يفتح مجالًا للتفكير بشكل أوسع بمعنى الصور في المجتمع المعاصر، كنوع من البحث في الإثنوغرافيا الذاتية. هكذا يبدو باريزي حريصًا طوال الفيلم على محاولة الدمج ما بين هاتين الصورتين المنفصلتين عن والدته.

يثير الفيلم كذلك بعض التساؤل فيما يخص قدرة الصور على الحضور لاحقًا كذاكرة مستقلة، فنتعرف إلى بينيديتا بارزيني اليوم كامرأة مسنة تقوم بالتدريس النقدي لحركات الموضة والأزياء بإحدى الجامعات، وتطرح العديد من الأراء الراديكالية فيما يتعلق بجدوى الصور والذاكرة، تقول إن الصور قامت دومًا بتقديم المرأة كمثال للطبيعة، بينما يمثل الرجل العقل والفكر. فيما يأخذ باريزي موقفًا آخر في الدفاع عن الصورة باعتبارها استراتيجية للحفاظ على الأشخاص، وإنقاذهم من مرور الوقت، فنراه يقوم بالعديد من اختبارات الأداء لمجموعة من الفتيات، واللاتي يطلب منهن التصوير بوضعيات مشابهة لتلك الصور التي قامت بها أمه في السابق، كنوع من الاختبار لتلك الفاعلية.

تقنيًا، ينشغل باريزي بإبراز كل الإمكانات المتاحة للصورة، فيعمد بشكل كبير إلى إغراق شريطه بمختلف المواد البصرية والأساليب السينمائية الممكنة، فيجمع ما بين نسب العرض المختلفة، صور بالأبيض والأسود والملونة، مواد أرشيفية، مشاهد لإعادة التمثيل، ومتابعات تسجيلية تقليدية. فيما يبدو متأثرًا في النهاية بالموجة الفرنسية نوعًا ما، حين تتحدث والدته عن اختفائها المحتمل دون أن يذكر ما إذا كان ذلك سيتم بشكل حقيقي أم رمزي، ليخلق مفارقة بعدد من المشاهد المتتابعة، فيما يبدو وكأن الصورة تقضي على نفسها في النهاية.

 وكان الفيلم قد عرض ضمن إطار المسابقة الرسمية لمهرجان ساندانص السينمائي في نسخته الأخيرة، كما حصل أيضًا على جائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان بوسطن للسينما في وقت لاحق.

السبت 9 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

الإثنين 11 نوفمبر/ 4 مساءً/ الزمالك

ولِدت في إيفين Born In Evin

مريم زارع/ النمسا، ألمانيا/2019

فيلم وثائقي إبداعي آخر لمخرجة تروي جانبًا من حكايتها الشخصية. هذه المرة الفيلم من إيران، بل عن إيران، أو في المنطقة الفاصلة بين «في » و«عن » إيران؛ فقد فرّت الحقوقية نرجس اسكندري مصطحبةً ابنتها مريم زارع، مخرجة الفيلم، إلى فرانكفورت قبل أكثر من ثلاثين سنة هربًا من قبضة نظام الجمهورية الإسلامية بإيران بعد تجربة أليمة في سجن إيفين أو زندان اوين بالفارسية. لا يستعرض الفيلم تفاصيل تلك التجربة قدر ما ينبش في آثارها كي يحولها إلى ذكرى يمكن التعايش معها. ولدت مريم داخل السجن سنة 1983 بعد ذلك بشهور قليلة آثرت نرجس إرسالها للإقامة خارج السجن مع جدها وجدتها بعيدًا عن بشاعات إيفين، فالأب كسرى زارع كان أيضًا رهن الاعتقال. بعد خروج نرجس من السجن رحلت إلى ألمانيا مقررةً ألا تحكي لمريم ما حدث.

أسس محمد رضا بهلوي هذا السجن عام 1972، وأسس فيه سُنة الاعتقال دون محاكمات والتعذيب دون رقابة، لكن سجن إيفين تخصص بعد ثورة 1979 في احتجاز اليساريين والحقوقيين والمثقفين المعارضين لحكم الجمهورية الإسلامية عبر موجات تكررت خلال ثمانينيات القرن الماضي، وتستمر حتى الآن. يمتلئ الفيلم بضحايا هذه الموجات، بالفارين منهم، بأبنائهم، تجربة نرجس وكسرى ومريم لم تكن الوحيدة لمعتقلين سياسيين داخل إيران الثمانينيات، لكن مريم تكشف إيران الخارج أيضًا من خلال جولة قامت بها في الفيلم بين المدن الأوربية للاستقصاء من زميلات نرجس في السجن، ومن أبيها ومن الإيرانيين والإيرانيات الذين يتجمعون لتجاوز تجربة سجن إيفين.

في بداية الثلث الأخير من الفيلم تقدم شورى مكاريمي، ابنة أب وأم أعدما داخل إيفين، تفسيرًا رصينًا للعلاقة مع جيل آبائهم الفارين إلى أوروبا وأمريكا وما عانوه قبل ثلاثة عقود في إيران، تفسيرًا ينقل آثار قسوة الاعتقال التي تتبعناها مع مريم في الثلثين الأولين من الفيلم إلى نقطة أبعد تقترب بنا وبها من إجابة سؤالها عن وقع ولادتها داخل سجن إيفين.

الجمعة 8 نوفمبر/ 1 مساءً / سينما زاوية 2

لا تقتل That Which Does Not Kill

 أليكس بوكين/ 2019

في عام 2013، وبعد عرض فيلمها الأول؛ اقتربت امرأة من المخرجة الفرنسية أليكس بوكين AlexePoukine وحكت لها عن صدمة باقية معها من ماضيها، عندما اغتصبها رجل تعرفه ثلاث مرات. ستصبح هذه القصة لاحقًا هي أساس فيلم That Which Does Not Kill، الذي نرى فيه نصًا كتبته المرأة، آدا، يروي خبرتها وهو يُقرأ بواسطة اثنا عشر شخصًا آخرين، يضفرونه بخبرات مختلفة لكن شبيهة خاصة بهم، وكذلك برؤاهم وتأملاتهم الخاصة حول تجربة آدا.

بصريًا، ليس هناك الكثير مما يحدث في هذا الفيلم الوثائقي. كل ما نراه هو هذه الشخصيات –عشر نساء ورجلين (اللذان يدركان عند نقطة ما أنهما قد ارتكبا فعل الاغتصاب في علاقات سابقة)– في خليط من اللقطات المقربة التأملية واللقطات المتوسطة، وهم يؤدون النص كما لو كان قصتهم الخاصة، ثم ينتقلون بسلاسة إلى أفكارهم ومشاعرهم الخاصة نحوها. لكنه فيلم مثير للتفكير على نحو استثنائي، حيث يواجه أغلبهم انطباعاتهم الأولى فيما يتعلق بقصة آدا، وما يعنيه أن أول سؤال وجدوا أنفسهم يطرحونه كان: «لماذا سمحت هي لهذا أن يحدث؟».

من خلال هذا التدريب الاستبطاني، يعرض هذا الفيلم ويحلل إطار التفكير البطريركي الذي ما زال يحكم أغلبنا، حتى من يسمون أنفسهم نسويين/نسويات وتقدميين/تقدميات، ويفتح مساحات كثيرة غير مستكشفة بشكل كامل فيما يتعلق بالاغتصاب، كخبرة مادية وسيكولوجية، كل هذا مع حماية خصوصية الناجية عن طريق حكي قصتها عبر أشخاص آخرين يمكنهم الارتباط بها على مستويات مختلفة.

رغم صرامته الأسلوبية، إلا أن That Which Does Not Kill فيلم مثير للاهتمام، ناهيك عن كونه خبرة سينمائية مؤثرة ووثيقة ضرورية للحظة الحالية بعد حركة أنا أيضا/Me Too، بكل درجاتها وتعقيداتها وتناقضاتها.

قصر للشعب Palace For The People  

بوريس ميسيركوف وجورجي بوجدانوف/بلغاريا، رومانيا، ألمانيا/2018

بوريس وجورجي مخرجان بلغاريان يملكان شركة إنتاج خاصة بهما، هما يجيدان إذًا تنفيذ الأفلام، الوثائقية منها، ويجيدان تسويقها أيضًا. هذه نسخة من عملهما الضخم «قصر للشعب»، نسخة مخصصة للعرض في قاعات السينما تقف جنبًا إلى جنب مع نسخة أخرى أطول، تلفزيونية ومسلسلة في خمس حلقات. سيصحبانا معهما في نسخة الفيلم داخل رحلة تستوعب الخمس حلقات داخل خمسة فصول يتخذ كل فصل منها قصرًا شيوعيًا فخمًا لنتجول داخلهما كأماكن، مع لقطات أرشيفية فريدة تجعل من تلك الأماكن أزمنة.

لا تعارض بين كونها قصورًا شيوعية وفخامتها، عرف بوريس وجورجي ذلك فكان عملهما واعيًا بتحول تلك القصور وبقاياها إلى مزارات وآثار سياحية. بين موسكو وصوفيا وبرلين وبلجراد وبوخارست تأخذنا الخمسة فصول إلى دول الكتلة الشيوعية في النصف الثاني من القرن العشرين حين كانت الأحزاب الحاكمة في تلك العواصم تبني شواهد حضورها وهيمنتها، دلائل قدرتها، تسوّق أبديتها، تسخر المواد الخام والعمالة والزمان والمكان لتشييد مضمار سباق يهدف إلى الأكبر والأعلى والأوسع والأضخم معماريًا. تحمل الخمسة قصور أسماء ومهام تخص الشعوب: جامعة لومونوسوف، قصر الفيدرالية، قصر الجمهورية، القصر الوطني للثقافة، بيت الشعب. انتهت الحقبة الشيوعية وبقيت القصور، استمر الزوار، يلتقطون صورًا أمامها، يرممون بقاياها أو يتبادلونها، يستعيدون يوميات وظائفهم بداخلها ويصونوها، فربما قصور الشعب فكرة في أذهان أفراده.

الجمعة8 نوفمبر/ 4 مساءً/ سينما زاوية 2

الإثنين 11 نوفمبر/ 1 مساءً/  سينما الزمالك

من قسم: هنا وهناك

 

الحديث عن الأشجار / TALKING ABOUT TREES

صهيب قسم الباري/ فرنسا، السودان، ألمانيا، تشاد، قطر/ 2019

بعد عودته من الخارج في 2015 لصنع فيلمه الروائي الأول، ذهب المخرج السوداني صهيب قسم الباري لاستشارة أعضاء جماعة الفيلم السوداني عن طريق المخرج سليمان محمد إبراهيم وكان أن دعوه لعرض كانوا ينظمونه في قرية ما. في العرض أقاموا شاشة عرض عبارة عن قماشة بيضاء وقائمين مثبتين في الأرض. في أثناء العرض هبت عاصفة رملية لكن أحدًا لم ينه العرض، بل توجه سليمان إبراهيم بصحبة عضو آخر هو منار صديق لتثبيت الشاشة، قبل أن يقيدوا القائمين إلى كرسيهما مع اشتداد العاصفة. في المناقشة التي تلت عرض فيلمه في مهرجان الجونة قال قسم الباري بعدما حكى هذه الحكاية «في اللحظة دي عرفت إن هو دا الفيلم اللي عايز أعمله».

إن كنت من محبي فيلم الألماني فيم فيندرز «نادي بوينا فيستا الاجتماعي» فإليك عملًا لا يقل تألقًا وطزاجة وشاعرية وخفة دم عن الوثائقي المرشح لأوسكار فئة الأفلام الوثائقية الطويلة عام 2000 ويزيد عنه في ارتباطه السياسي اللصيق بواقعنا المحلي. يتناول الفيلم قطاع من حياة أفراد جماعة الفيلم السوداني في أم درمان وهم: إبراهيم شداد، وسليمان محمد إبراهيم، ومنار صديق، والطيب المهدي في محاولتهم للحصول على ترخيص بالعرض في أحد دور العرض المغلقة منذ انقلاب الحركة الإسلامية على خلفية انتخابات الرئاسة في السودان في 2015، والتي أفضت إلى فوز البشير بنسبة 94% من الأصوات.

هناك الكثير ليقال عن «الحديث عن الأشجار » من اختيار الاسم في ملاعبة ماكرة وذكية لبيت بريخت الشهير من قصيدة «إلى أولئك الذين سيتبعوننا» «أي زمن هذا الذي يكاد حديث عن الأشجار فيه أن يكون جريمة» إلى حس الكوميديا المرهف وغير المصطنع بالمرة المنتشر في أنحاء الفيلم على الرغم من موضوعه شديد الجدية. لكن ما يتميز به فيلم قسم الباري حقًا هو جرأته على صنع فيلمًا يبدو في ظاهره عن موضوع تاريخي لا يثير الحساسية يتمكن من خلاله قسم الباري من تهريب دراسة سينمائية عميقة لنفوس شخصياته وتعليق لا يرحم على ظلمات نظام البشير.

الجمعة 8 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

الجمعة 15 نوفمبر/ 1 مساءً/ الزمالك

 جبال الأحلام  THE CORDILLERA OF DREAMS

باتريسيو جوزمان / فرنسا – تشيلي / 2019

يمضي المخرج التشيليّ باتريسيو جوزمان خلال شريطه الأخير «لا كوردييرا الأحلام» مجددًا في انشغالاته السابقة لاستكشاف ذلك التزامن المتخيل ما بين الوقائع التاريخية وطوبوغرافيا الأماكن، أو في بحث ذلك الارتباط ما بين الجغرافيا كفضاء للحدث والذاكرة الفردية كمفهوم شخصي غير متحقق تمامًا في النهاية، عبر نوع من المشهدية الخاصة التي تتجاوز فقط حدود سينما الذاكرة. فمن خلال فيلميه السابقين «نوستالجيا الضوء» و«زر اللؤلؤة» على التوالي يتحرى جوزمان هذه التقاطعات ما بين المناظر الطبيعية الفاتنة والمؤثرة وحوادث الإرهاب السياسي التي وقعت في تشيلي إبان حكم الجنرال بينوشيه سواء في صحراء أتاكاما أو منطقة باتغونيا.

لا تؤطر البنية المرئية للذاكرة في سينما جوزمان الماضي كنوع من التداعي أو الاستحضار المباشر فقط، إنما تأخذ شكلًا أعمق وأكثر شعرية للتأمل واستعراض المعنى في كل هذه العلاقات. فيبدأ الفيلم بلقطة عالية لغيوم تنفصل لتتجلى عن شبكات منتظمة تكشف في النهاية مدينة سانتياجو، يحيط بها سلاسل طويلة من الجبال الثلجية الضخمة، وتؤسس المشاهد البانورامية المتكررة لسلاسل جبال الإنديز نوعًا من المقاربة الواضحة منذ البداية، فتحل كشاهد صامت أو غير مبال بكل ما شهدته المدينة من العنف والجرائم والاضطراب بعهد الديكتاتورية، أو كمجاز عن هذه الذاكرة غير المروية بالكامل حتى الآن.

قد يميل جوزمان هذه المرة، وعلى خلاف فيلميه السابقين، نحو جوانب أكثر شخصية، من خلال تعليقاته الصوتية والتي تتخذ منحًا شعريًا أقرب للغنائية أحيانًا، فيتخيل مثلًا الأصوات التي قد تأخذها مجموعة من الخطوات والتي تذكرها منذ الطفولة إذا كان لديهم الصوت للتحدث. كذلك، اللقاءات المختلفة التي قام بها مع مجموعة من الفنانين في تعليقهم على هذه الجبال كصور مختلفة للشهود عليها أيضًا. كما يحاول جوزمان ابتكار عدد من التركيبات البصرية التي تعمل على إثارة السياق الموضوعي مع هذه الجبال، فنرى صورًا لانفجار بركاني شديد للتعبير عن الوضع المؤلم في تشيلي ما بعد الإنقلاب، أو انعكاس الشجرة في بركة ماء كأثر لذكرياته عن الماضي.

يطرح الفيلم كذلك نوعًا من التساؤل عن الطرق التي تكون بها المواد الوثائقية، غير الموثوقة أو اليقينية بالكامل على الأغلب، قادرة على التدخل السياسي في النهاية. فالصور الأرشيفية للسكان الأصليين في تشيلي يعاد تأويلها على العكس من السياق الإثنوغرافي أو الاستغلالي لإنتاجهم. فينظر جوزمان للمواد والتقنيات البصرية كنقاط للبحث والاستقصاء بشكل أكبر، ويستكشف من خلال هذا الفيلم كيف يمكن للكاميرا أن تأخذ صورة واحدة فقط للواقع، ومن ثم يمكن إعادة قراءة هذه المواد بأشكال متباينة.

وكان الفيلم قد عرض في مهرجان كان بدورته الثانية والسبعين ضمن فقرة عروض خاصة وفاز عنه بجائزة «العين الذهبية» التي تمنح لأفضل فيلم وثائقي بالمهرجان.

سينما زاوية السبت 9 نوفمبر – 1 مساءً

سينما زاوية الثلاثاء 12 نوفمبر – 4 مساءً

طُفيلي  PARASITE

 بونج جون-هو/ كوريا الجنوبية/ 2019

بعدما تسبب فيلمه السابق «أوكيا» في أزمة كبيرة بين مهرجان كان ومنصة العرض-عند- الطلب العملاقة نتفليكس، يعود المخرج الكوري الجنوبي بونج جون-هو للمهرجان الفرنسي العريق بعد هذه المرة ليفوز بالسعفة الذهبية عن فيلمه الأخير «طفيل».

يحكي الفيلم قصة أسرة كيم المعدمة والتي تعيش في قبو في أحد الأحياء الفقيرة وترتزق من أعمال تافهة إن وجدت. تبدأ أحوال أسرة كيم في التغير حينما يعهد أحد أصدقاء الابن إليه بالتقدم لشغل وظيفته كمدرس خاص لفتاة مراهقة من أسرة بارك الغنية بعد سفره. يبدأ الابن في تقديم الدروس للفتاة وبالتوازي يبدأ مخطط عائلة كيم للتوظف لدى عائلة بارك في التحقق. يوصي كيم الابن بأخته لتدرس الرسم لابن أسرة بارك الصغير، قبل أن تتآمر الفتاة ضد السائق ليقيله رب أسرة بارك ويوظف والدها بدلًا منه. تتصاعد الأحداث قبل أن تتكشف لعائلة كيم حقائق مذهلة قد تؤدي إلى كشف حقيقة مخططهم أمام عائلة بارك.

يحقق «طفيلي» إنجازات عديدة على مستوى السرد لعل من أبرزها هو تلاعبه بالأنواع الفيلمية، فالفيلم يصعب تصنيفه حيث يقع بين أفلام الإثارة والكوميديا لكنه أيضًا دراما اجتماعية في القلب منه. يذكر هو فيلم هيتشكوك «سايكو» كمادة للدراسة في أثناء استعداده لصنع الفيلم وبخاصة فيما يتعلق بعملية بناء منزل الأسرة الغنية الذي أراده هو تنويعًا على نزل نورمان بيتس في فيلم هيتشكوك.

فكر هو في قصة الفيلم لأول مرة حينما اقترح عليه صديق أن يخرج مسرحية، في تلك الآونة كان هو مستغرق في عمليات ما بعد الإنتاج الخاصة بفيلمه «سنوبيرسر». ألهمه المسرح المساحة المحدودة وألهمه سنوبيرسر مناقشة الصراع الطبقي والفوارق بين الطبقات. يعالج الفيلم هذه الثيمة إلى جانب تعليقه الاجتماعي العنيف على مسألة الخصوصية في علاقتها بالطبقة والتلصص على حيوات الآخرين.

شأنه شأن «البؤساء» المعروض في برنامج البانوراما أيضًا، يخاطب «طفيل» أسئلة هامة في واقعنا الاجتماعي، هذه المرة فيما يتعلق بالوعي بالامتيازات الطبقية وإدراك الأثمان الفادحة لإبقاء الأمور على ما هي عليه. بالتعليق المرح والذكي، يقيم «طفيل» منطقه الخاص دون الوقوع في فخ التسطيح والوعظ.

الجمعة 8 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

الجمعة 15 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

باكوراو  Bacurau

كليبير مندونكا فيليو، جوليانو دورنيليس/ البرازيل، فرنسا / 2019

تدور أحداث الفيلم الجديد للثنائي القوي كليبير مندونكا فيليو وجوليانو دورنيليس عن فتاة تعود إلى قريتها في البرازيل لحضور جنازة جدتها التي عاشت حتى سن الـ 94. تلاحظ الفتاة إشارات غريبة منذ وصولها للقرية، ويأخذنا بعدها السيناريو إلى مناطق أخرى تمامًا، تجعلنا أمام ساعتين من المتعة الخالصة والتي من السهل أن نشعر بها مع بداية اللقطات الأولى للفيلم. يأخذنا الثنائي إلى عالم معزول تمامًا من خلال اختيار تصنيف صعب وهو ويسترن/ تشويق/ خيال علمي، بقصة هجوم مجموعة من السياح الأغنياء البيض لقاطني قرية نائية في البرازيل إذا بحثنا عنها في الخريطة الحقيقية لن نجدها، وهنا يأتي ذكاء صانعي الفيلم إذا أرادوا أن يحكوا شيئًا سياسيًا اقتصاديًا في مستويات أخري للصورة والتتابع، ارتباط السكان المحليين بالثقافة الشعبية المحلية مقابل استخدام الأغنياء البيض للعنف غير المبرر تجاه السكان المحليين. اعتمد الثنائي كليبير مندونكا فيليو وجوليانو دورنيليس على اللقطات الواسعة التي هي مرعبة في هذا السياق. أيضًا  جرىا استدعاء بعض من ذكريات أفلام الويسترن الشهيرة، الألعاب التي كانوا يستخدمونها في تحقيق المتعة البصرية لهذه الأفلام، سنجد هنا بعضًا منها في إطار شيق وممتع. سنرى كيف استطاع صانعا الفيلم أن يخلقا التوتر منذ اللحظة الأولى بطريقة مُلفتة. يأتي هذا مع بعض الألعاب الخفية الجيدة في اختيارات المونتاج والعدسات، لنجد أنفسنا أمام فيلم يستحق المشاهدة بلا شك ضمن أفلام البانوراما.

الجمعة 8 نوفمبر/ 10 مساءً/ الزمالك

الأربعاء 13 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

 

من قسم: مخرجون صاعدون

 

محطمة النظام System Crasher

نورا فينجشيت/ ألمانيا/ 2019

الفيلم الروائي الأول للمخرجة الألمانية نورا فينجشدِت. يتتبع الفيلم قصة فتاة في التاسعة من عمرها رقيقة، لكنها مضطربة السلوك واسمها بيني (في أداء مذهل لهيلينا زينجل)، والتي تعاني من صدمة غير قابلة للشفاء تتبدى في حوادث ذهانية متفرقة لا يتمكن أحد من التعامل معها، من أمها إلى القائمين المختلفين بالرعاية الذين يحاولون تولي مسؤوليتها طوال مدة الفيلم. محطم النظام System Crasher هو مصطلح يشير إلى الأطفال الخارجين عن السيطرة والذين لا يستطيع نظام رعاية الطفل في ألمانيا التعامل معهم، وهذا هو الحال مع بيني؛ التي تقود ثوراتها العنيفة كل من حولها إلى حافة الإحباط، بل وفي بعض الحالات تعرض للخطر حياة الأطفال الآخرين.

بيني عازمة على أن تخرب تقريبًا كل فرصة تنالها لحياة جديدة في بيت جماعي أو مع والدين بالتبني لأنها لا تستطيع الكف عن الحلم بالعودة للعيش مع أمها. لكن أمها تعيش مع صديق متعسف لا يتسامح مع سلوك بيني، ورغم أن المشاهدين في البداية يكونون مستعدين للوم الأم على التخلي عن ابنتها، إلا أن الفيلم يتعامل معها بدرجة كبيرة من التعاطف؛ حيث تتأكد ضراوة صراعها –بين حبها لطفلتها ورغبتها في حياة طبيعية لنفسها ولطفليها الآخرين (شقيق وشقيقة بيني)– في عدد من المشاهد المؤثرة للغاية.

ومع ذلك، لا شيء أكثر تأثيرًا من بيني نفسها، وكيف تتأقلم مع المواقف المختلفة التي تجد نفسها فيها، مع تدابير متساوية من الغضب والأمل. أما الشخصيات التي تقابلها، بداية من إخصائيتها الاجتماعية السيدة بافاني (جابرييلا ماريا شمايد) ووصولًا إلى مُرافقها المدرسي ميخا (ألبريخت شوخ)، والعلاقات المترددة المعقدة التي تنشئها معهم هي أيضًا من بين النقاط المضيئة في الفيلم.

عُرض الفيلم في قسم المسابقة الرئيسي من دورة هذا العام لمهرجان برلين السينمائي الدولي.

السبت 9 نوفمبر/ 10 مساءً/ زاوية

الإثنين 11 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

البؤساء  LES MISERABLES

لادج لي/ فرنسا/ 2019

الفيلم الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان والمرشح الفرنسي لجائزة أحسن فيلم أجنبي ضمن جوائز الأوسكار ليس اقتباسًا جديدًا يضاف إلى الاقتباسات السينمائية العديدة لرواية فيكتور هوجو الأشهر البؤساء وإن كان لا ينفصل عنه بالكلية. تقع أحداث البؤساء في حي مونفيرمي في باريس الواقع في نطاق الضواحي الباريسية الفقيرة الذي تدور فيه –وإن كان منذ ما يقرب من قرنين- جانب من أحداث رواية هوجو.

يحكي الفيلم قصة دورية شارع تعمل في نطاق الحي مكونة من ثلاثة ضباط: ستيفان الضابط المنقول حديثًا من بلدة شيربور –المنسوب إليها عنوان فيلم جاك ديمي الموسيقي «مظلات شيربور»- وكريس وهو ضابط لديه خبرة أطول في العمل داخل الحي ويعتمد أساليب شرطية عنيفة وغير قانونية بالضرورة في تعامله مع سكان الحي، وجوادا الضابط الملون الوحيد في الثلاثة والأميل للهدوء وثبات الأعصاب عن زميله. تبدأ الأحداث الحقيقية للفيلم حينما يتورط الضباط الثلاثة في منع عراك عرقي في الحي على وشك النشوب بين الغجر والسود، حيث يتهم الغجر شخصاً أسود بسرقة شبل من معسكر السيرك المتجول الخاص بهم. في سبيل حل المشكلة يذهب الضباط في رحلة شرطية داخل الحي للعثور على سارق الشبل، لكن الأحداث ما تلبث أن تزداد في الانفجار عند عثورهم عليه.

لادج لي مخرج وكاتب الفيلم هو فرنسي من أصل مالي ينحدر من أصول اجتماعية متواضعة حيث نشأ في حي مونفيرمي الذي تقع فيه أحداث الفيلم ولم يدرس السينما بشكل نظامي. عمل لي كممثل وكمخرج لأفلام دعائية للشركات في مقتبل حياته، ويروي أن فكرة الفيلم أتته منذ عشر سنوات حينما صور فضيحة في أحد عمليات البوليس ورفع الفيديو على الإنترنت، مما اجتذب اهتمام الصحافة وأدى فيما بعد إلى إيقاف المتورطين. يعقد العديد من النقاد الصلة بين الفيلم واحتجاجات السترات الصفراء في فرنسا ويعتبرونه تعليقًا على الاحتجاجات الاجتماعية المستمرة في فرنسا. من جانبه يحدد لي النقطة الفارقة في رغبته في أن يصبح صانع أفلام في لحظة مشاهدته لفيلم ماتيوكا سوفيتز «الكراهية» إنتاج سنة 95، ويذكر سبايك لي ضمن أكثر صناع الأفلام المؤثرين في عمله، لكنه يؤكد أن فيلمه لا يعادي رجال الشرطة، وإنما يتناول الفقر والبؤس الاجتماعي الذي يمس الجميع، السكان والشرطة.

الخميس/ 7 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

الخميس 14 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

نحن الاثنين Two of us

فيليبو مينيجيتي/ فرنسا، لكسمبورج، بلجيكا/ 2019

هذا الفيلم شديدة الجرأة والقوة هو أول الأفلام الطويلة للمخرج الإيطالي فيليبومينيجيتي. لا تكمن جرأة الفيلم فقط في قصته عن علاقة الحب الشائكة بين سيدتين متقاعدتين، بل أيضًا في السيناريو المحكم والأحداث المتصاعدة والمتلاحقة التي تحبس الأنفاس أحيانًا من فرط التوتر والتعاطف مع البطلتين في نفس الوقت، كادرات مينيجيتي شديدة العذوبة، مليئة بالتفاصيل وكاشفة ليتحول الفيلم لوجبة بصرية دسمة أيضًا تتراوح بين الرمزية الشديدة والتفاصيل الدقيقة لحياة البطلتين وكذلك إتاحة المساحة تمامًا لبطلتيه لتقدما تمثيلًا أكثر من رائع لم يكن للفيلم أن ينجح دونه. إلى جانب الصعوبات الاجتماعية المعقدة التي تواجه قصة الحب تلك، يقدم الفيلم تساؤلات أخرى حول التقدم في السن وتحول دفة السيطرة والتحكم من الآباء إلى الأبناء، وعن الأنانية الخفية المدفونة داخل كل ابن وابنة تجاه الأم تحديدًا في مطالبة واستحقاق بأن تظل حتى النهاية متفانية لتنتقل من دور الأم لدور الجدة، وتظل موجودة دائمًا كشبح خفي ضامن للأمان والطمأنينة بلا أي مٌساءلة عن رغباتها واحتياجاتها. عُرض الفيلم أول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي في قسم «اكتشاف» الذي يعرض الأفلام الأوئل للمخرجين، وبالفعل يبدو مينيجتي مخرجًا واعدًا بحساسيته الشديدة ولغته السينمائية.

الأحد 10 نوفمبر/ 7 مساءً/ زاوية

الجمعة 15 نوفمبر/ 10 مساءً/ الزمالك

مقطوعة جميلة Nocturneg

فيكتور فان ديل فالك/ هولندا، بلجيكا/ 2019

أليكس مخرج يعمل على فيلمه الروائي الأول. وفي صراعه مع المنتجين نافدي الصبر، وأم مريضة، وحبيبة هجرته للتوّ، يجد نفسه على نحو متزايد ممزقًا بين الخيال والواقع، في الوقت الذي يقترب فيه من موعد نهائي وشيك وسط حالة شلل إبداعي عنيدة.

الفيلم متأثر بشدة بجماليات أفلام جان لوك جودار في الستينيات، خاصة فيلم LeMepris (1963)، كما هو واضح من التحية الافتتاحية. ونظرًا لكونه الفيلم الأول بالفعل لمخرجه الهولندي الشاب فيكتور فان دير فالك، فإن فيلم Nocturne مدهش على نحو ملفت في أسلوبيته. فمع بنائه كفيلم إثارة، في وجود شريط صوت متوتر وحاد؛ إلا أنه يشبه على نحو غامض فيلم نوار film noir، لكنه فيلم يتمحور حول عملية صناعة الفيلم نفسها أكثر من لغز جريمة قتل من نوع ما.

هناك خاصية سريالية لا يمكن إنكارها في الفيلم، حيث لا يمكننا دائمًا معرفة إن كنا نعاين ما هو داخل رأس أليكس، أم ما يحدث بالفعل في حياته وهي تتكشف أمامنا. ورغم أن الحبكة بسيطة وغير موجودة تقريبًا، إلا أنها تتدفق بإيقاع لاهث ومشوق، وتظل جذابة على نحو استثنائي طوال الوقت.

عُرض فيلم Nocurne كجزء من البرنامج الرئيسي Bright Future «مستقبل لامع» في مهرجان روتردام السينمائي الدولي 2019. وهو يُعتبر إلى حد كبير امتدادًا لمشروع تخرج صانع الفيلم الذي حظى بالإشادة، وهو فيلم قصير باسم Onno the Obvious «أونو الصريح» (2015)، الذي يحاول فيه بطله الساخط بعمق معرفة السبب في تعاسته.

الأحد 10 نوفمبر/ 10 مساءً/ زاوية

الثلاثاء 12 نوفمبر/ 3 مساءً/ زاوية

لارا LARA

يان أولي جرشتر/ ألمانيا/ 2019

لن يمكنك وأنت تشاهد الفيلم الثاني للمخرج الألماني، إلا أن تستدعي إلى ذاكرتك أفلامًا مثل «سوناتا الخريف» (1978) Autumn Sonata للمخرج السويدي إنجمار بيرجمان، أو على وجه أقرب فيلم The Bitter Tears of Petra von Kant (1972)  للمخرج الألماني رينيه فاسبندر، مع أن الأم في هذا الفيلم ليست شخصية نجمة شهيرة كبرت في السن، كما في الفيلمين، لكنها تتصرف على هذا الأساس، والجميع يتصرف معها كذلك، المرأة الجذابة التي شغلت منصب رفيع في إدارة المدينة والتي كان يخشاها مرؤوسيها، وتعيش الآن وحيدة بعد أن انفصلت عن زوجها وفضل ابنها العيش مع جدته. تدور الأحداث في يوم واحد فقط، اليوم الذي سيعزف فين الابن مقطوعته الموسيقية الأولى كمؤلف وليس مجرد عازف، والذي في الوقت نفسه اليوم الذي ستتم فيه لارا جيننكس عامها الستين، إلا أن هذا لا يمنع التصوير الدقيق لخلجات العلاقة المعقدة والثقيلة والضاغطة بين الأم والابن، والتي تستحضر تاريخ علاقتهما، من خلال بعض الإشارات والجمل ما بين السطور، وتأثيرها الضاغط على كيانه النفسي، بسطوتها الكبيرة ودفعها له للحافة طوال الوقت، بإشعاره أن كل ما يفعله غير كافٍ.

 حين تسألها زميلة صغيرة في السن في المكتب الإداري عن لماذا كان يخشاها الجميع، تجيبها بـ«لأنني كنت لا أهتم بالعمل -ولكنك كنت تعملين بشغف كبير- الشغف كلمة لا يمكن أن أصف بها هذا العمل قط». علينا أن ننتظر لنهاية الفيلم لنكتشف ماذا كان شغفها الحقيقي. ظاهريًا تبدو الحبكة بسيطة والقصة هادئة إلا أن الفيلم يختزن بداخله ما يشبه قنبلة موقوتة، بطرحه سؤال الأمومة وعلاقته بالإحساس بالتحقق بالنسبة للمرأة، لنختبر مشاعر إنسانية معقدة بين الأم والابن تتجاوز المسلم به من اعتبار أنها فوق المساءلة، برهافة وجرأة وفي إيقاع منضبط وانسيابي، يجعلنا نرشَح الفيلم بقوة.

الأربعاء 6 نوفمبر/ 7 مساءً/ الزمالك

الجمعة 8 نوفمبر/ 1 مساءً/ زاوية

بعيدًا Away

جنتس زلبالوديس / لاتفيا / 2019

في فيلم التحريك الطويل الأول له يقدم جنتس رحلة عبر عوالم متداخلة لصبي صغير يبحث عن موطنه بصحبة طائر صغير وشنطة بها بعض الأدوات المساعدة، ويهرب من روح شريرة تطارده، يأخذنا جانتس عبر عالم جميل وبديع نرى فيه الغابات الكبيرة من وجهة نظر الصبي الصغير، هذا العالم الذي ينتظر أن يكتشفه أحد، سنجد أيضًا اهتمامًا خاصًا في الفيلم بتصميم الشخصيات ودرجات سطوع الألوان في كل الملابس التي نصادفها، سواء تصميم شخصية البطل وهو الطفل الصغير أو تصميم الحيوانات في الغابة بالإضافة الى الصراعات بينهم، لعل ما يلفت الانتباه، وأيضًا يعتبر عامل مشترك بين الطفل والحيوانات في الغابة هي لغة العيون، حيث نستطيع أن نلاحظ تصميم العيون المشترك بين الجميع وهي عين واسعة تغطي حتى على كل ملامح الوجه الأخرى سواء في الصبي أو في الحيوانات، هنا نحن أمام عالم مختلف يتواصل بالعيون، حيث إنه فيلم صامت أيضًا، فقد وجد جانتس مبررًا ذكيًا للتواصل عبر العيون، من خلال اللقطات الواسعة الكاشفة لكل محتويات هذا العالم الغريب ومن خلال تواصل الطفل مع الحيوانات المختلفة، وأيضًا كيف ينتج هذا العالم آليات للتواصل والاستمرارية، وكيف ينتج علاقات بين أفراده. نجد أنفسنا أمام فيلم جديد ومختلف، وبالتأكيد من أمتع أفلام البانوراما هذا العام.

زاوية، الخميس 7 نوفمبر، 1 مساءً

الزمالك، الأربعاء 13 نوفمبر، 1 مساءً

كارت بلانش/Carte Blanche

سارقو الدراجات Bicycle Thieves

الفيلم الإيطالي الكلاسيكي للمخرج الإيطالي الكبير فيتوريو دي سيكا سنة 1948. حصد الفيلم العديد من الجوائز في هذا العام منها جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي 1949، وجائزة شرفية بمسابقة أفلام الأوسكار 1949 – 1950، وجائزة أفضل فيلم أجنبي بمسابقة جولدن جلوبز 1950.

يعتبر من أوائل أفلام موجة الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية والتي يعد دي سيكا من روادها. تدور أحداثه عن رحلة أب وابنه في البحث عن دراجة الأب المسروقة، ومن خلال هذه الرحلة في شوارع روما بعد الحرب العالمية الثانية، نتعرف علي ملامح هذه المدينة بعد الحرب ومعاناة أهلها من الفقر في مجتمع ما بعد الحرب. ورغم أن أحداث الفيلم تدور في روما إلا أنه يصور مشاعر وتناقضات قد تحدث في أي مكان وزمان، عن أب يفقد وظيفته بسرقة الدراجة وابنه الطفل الصغير الذي يبدو أحيانا كبيرًا من تأثره بالمسؤولية الملقاة على عاتق الأب. رُمم الفيلم مؤخرًا، ولا يزال يعد من أهم أفلام الواقعية الجديدة في العالم.

الأحد 10 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

الاحتفال Festen

الفيلم الحاصل على جائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان السينمائي الدولي 1998، وهو الفيلم الأول لحركة «دوجما» السينمائية التي بدأها مخرج الفيلم الدنماركي توماس فينتربيرج بالاشتراك مع لارس فون تير عام 1995، والتي عنيت بدعم دور المخرج/الفنان في مواجهة سطوة الاستديو/شركة الإنتاج، والعودة للقيم التقليدية والأساسية في صناعة الفيلم وهي القصة والأداء التمثيلي والتقليل الشديد من الاعتماد على المؤثرات البصرية والتكنولوجية.

أُنتج فيلم الاحتفال بميزانية محدودة جدًا، وباستخدام آليات تصوير بسيطة وتقليدية، وبذلك استطاع الفيلم أن يعطي مساحة واسعة للأداء التمثيلي الرائع لطاقم التمثيل. تدور أحداث الفيلم في الاحتفال بعيد الميلاد الستين للأب ورأس العائلة الغنية، وفي وجود جميع المدعوين من الأصدقاء وأفراد الأسرة تتفجر أسرار عائلية مدفونة في صراع متصاعد بين الأب وأبنائه و تحديدًا ابنه الأكبر.

السبت 16 نوفمبر/ 4 مساءً / زاوية

روما  Roma

فيدريكوا فيلليني/ إيطاليا/ 1973

عُرض الفيلم في مهرجان كان السينمائي الدولي في نفس عام إنتاجه. وفيه يقدم المخرج الإيطالي فيدريكو فيلليني مدينة روما في زمنين متوازيين، الأول هو الحاضر في السبعينات وقت إنتاج الفيلم حيث أصبح مخرجًا شهيرًا، والثاني في ثلاثينيات القرن مع وصوله لروما وقت صعود الفاشية. يعرض فيلليني جزءًا من حياته، لكن في الخلفية تظل مدينة روما و تطورها هي البطل الرئيسي والأساسي في الفيلم.

الخميس 14 نوفمبر/ 4 مساءً/ زاوية

الفيلم مترجم للعربية

 

اعلان
 
شريف زهيري 
ليلى أرمن 
محمد أمين 
محمد الحاج 
نور الملاح 
يارا شاهين 
ياسمين زهدي 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن