أجلت الدائرة 30 بمحكمة جنايات القاهرة اليوم، السبت، الفصل في التظلمات المُقدمة من 14 ناشطًا حقوقيًا ضد قرارات منعهم من السفر على ذمة التحقيقات في القضية رقم 173 لسنة 2011 المعروفة بـ «منظمات المجتمع المدني»، وذلك إلى جلسة 17 نوفمبر المقبل.
وألزمت المحكمة، المنعقدة بمحكمة عابدين برئاسة المستشار محمد مصطفى الفقي، النيابة العامة بأن تطالب قاضي التحقيق بتقديم قرارات المنع من السفر ومبرراتها للمحكمة قبل موعد جلسة 17 نوفمبر المقبل، وهو ما سبق أن قامت به المحكمة في جلستها الأولى التي عُقدت بـ 20 يونيو الماضي.
واعتبر محامون ومصادر حكومية ودبلوماسية في تصريحات لـ «مدى مصر» أن تكرار المحكمة لطلبها يعبّر عن عدم وضوح موقف الدولة من نشطاء حقوق الإنسان، ويمثّل أيضًا استمرارًا لحالة اللا حسم المسيطرة على قضية المجتمع المدني منذ 2011 وحتى الآن.
وضمت قائمة المتظلمين أمام الجنايات المحامي الحقوقي محمد زارع ممثلًا لمركز القاهرة لحقوق الإنسان، ومديرة مركز نظرة للدراسات النسوية مزن حسن، ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، وحسام بهجت ممثلًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمحامية الحقوقية عزة سليمان، والمحامي ياسر عبد الجواد، وعلاء الدين عبد التواب، إضافة إلى المحامي ناصر أمين، والمحامية هدى عبد الوهاب، عن المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، والمحامي أحمد راغب عن مركز هشام مبارك للقانون، والناشطة إسراء عبد الفتاح وحسام علي وأحمد غنيم، عن المعهد الديمقراطي، والمحامي مالك عدلي.
خلال جلسة اليوم، استمع رئيس المحكمة للمتظلمين والمحامين خالد علي وطاهر أبو النصر وآخرين لمدة تزيد عن ثلاث ساعات. وأكد المستشار محمد مصطفى الفقي على عدم ورود أية قرارات من قاضي التحقيق بالمنع من السفر لجميع المتظلمين، وهو الأمر الذي دفع المتظلمون لمطالبة المحكمة بالفصل في التظلمات وعدم انتظار أن ترد القرارات إليها، خصوصًا مع سقوط غالبيتها بمضي المدة، لصدورها قبل 4 و5 سنوات. كما أكد المتظلمون أن امتناع قاضي التحقيق عن عرض هذه القرارات دليل على مخالفتها للدستور والقانون، وهو ما لم تستجب له المحكمة في النهاية.
ولفت المحامون خلال الجلسة إلى أن عامين هي أقصى مدة قانونية لإصدار جهة التحقيق لقرارات منع من السفر سواء كعقوبة أو إجراء احترازي.
وفي حين أن الجلسة كان مقررًا لها أن تبدأ في العاشرة صباحًا، إلا أنها تأخرت حتى الثانية عشرة و40 دقيقة ظهرًا، وحرص رئيس المحكمة قبلها على مقابلة الصحفيين والمصورين المتواجدين بالقاعة والحصول على صور من بطاقات هوياتهم. كما التقى رئيس المحكمة أيضًا -بغرفة المداولة المرفقة بقاعة المحكمة- بوفد من الاتحاد الأوروبي يضم 6 أشخاص كل على حدة، كما قابل ممثلًا عن السفارة الأمريكية، في حضور ضابط شرطة برتبة مقدم. وخلال هذه المقابلات استفسر رئيس المحكمة عن أسباب متابعة كل من المسؤولين الأجانب للقضية، وأي متظلم جاؤوا لمتابعة تظلمه تحديدًا. وبحسب تصريح أحدهم لـ «مدى مصر»، فإنهم يتابعون المتظلمين كافة.
وبحسب ممثل الاتحاد الأوروبي، فإن القاضي طلب من الوفد كارت تعريف الهوية وأرقام تليفونات كل منهم وتحديد وظيفة كل منهم بدقة، وعندما أبدوا استغرابهم أخبرهم بأنه غير مسموح بحضور جلسة المحكمة لأي شخص إلا بعد الحصول على ترخيص من الدائرة القضائية.
وشهدت جلسة اليوم أيضًا، تمكين المستشار الفقي لجميع المتظلمين من تقديم دفاع شفوي ومذكرات مكتوبة تركزت غالبيتها على التأكيد على أن جميع المتظلمين لم توجه لهم أية اتهامات بالإدانة سواء من قاضي التحقيق، أو من أية محكمة جنائية منذ 2011. ورغم ذلك صدرت ضدهم قرارات بالمنع من السفر والتحفظ على أموال غالبيتهم دون أي سند دستوري أو قانوني وبدون إعلان من جهة التحقيق. وخلال الجلسة أشار المتظلمون إلى أن جميعهم علموا بقرارات المنع من السفر من خلال ما نُشر في وسائل الإعلام، أو بعد منع بعضهم من السفر في مطار القاهرة، وإخبارهم من قِبل سلطات المطار بوجود قرار بالمنع من السفر.
وتساءل المتظلمون عن أسباب تعليق أمر المصريين في القضية 173 لسنة 2011، في حين صدرت ثلاثة أحكام قضائية في الشق الخاص بالأجانب من القضية نفسها، كان آخرها البراءة في ديسمبر 2018. فيما اقتصرت أسئلة القاضي للمتظلمين، خلال جلسة اليوم، على سؤال الواحد منهم عن المؤسسة التي ينتمي إليها، وما إذا كانت تتلقى تمويلًا من عدمه، أو تسدد الضرائب أم تتهرب من تسديدها، وقد تقدمت غالبية المتظلمين بحوافظ مستندات تؤكد على عدم وجود مستحقات ضريبية للمنظمات والمؤسسات التي يتبعونها. فيما أكد بعضهم مثل إسراء عبد الفتاح على أنها بالرغم من أنها تعمل كمديرة مشروعات بالمعهد الديمقراطي إلا أن جهة التحقيق لم توجه لها أية اتهامات تتعلق بعملها، وإنما وجّه لها قاضي التحقيق أسئلة تتعلق بصور شخصية لها نشرتها على حسابها على فيسبوك خلال سفرها إلى فرنسا لزيارة صديقة لها هناك. وأضافت عبد الفتاح للمحكمة أنها قالت في التحقيقات إنها سافرت على نفقتها الشخصية تلبية لدعوة من صديقتها هناك، ولم تكلفها الزيارة أكثر من ثلاثة آلاف جنيه قيمة تذكرة الطائرة قبل التعويم.
فيما أكد المحامي جمال عيد أن قرارات المنع من السفر تستند إلى تحريات ضباط الأمن الوطني، مضيفًا أنه أُبلغ في فبراير 2016 بقرار منعه من السفر استنادًا لمذكرة تحريات لضابط أمن وطني كُتب فيها إن عيد «ينتقد الدولة وعضو في حركة كفاية ويساعد الحركة العمالية على عقد مؤتمرات»، فسأل القاضي عيد إذا كان لا يزال عضوًا في «كفاية»، فرد عليه عيد بأنها حركة كانت تعمل وقت الرئيس الأسبق مبارك. فيما طلب محمد زارع من المحكمة أن تلزم قاضي التحقيق بإحالة زارع للمحاكمة وحبسه في حال ثبوت أية تهمة ضده، مشيرًا إلى أن المتظلمين يتعرضون لهجمة تشويه سمعتهم من الإعلام.
ومنذ بدء التحقيقات على ذمة القضية لم يُحال أي من المتهمين المصريين إلى محكمة. وترجع أحداث القضية إلى ديسمبر 2011 حينما اقتحمت السلطات مقرات عدد من منظمات المجتمع المدني، وانقسمت القضية إلى شقّين، أولهما خُصص للمنظمات الأجنبية العاملة في مصر، أما الشق الثاني فيخص المنظمات المحلية، ولا يزال قيد التحقيق.
وكانت محكمة الجنايات قد أصدرت حكمها الأول في الشق الخاص بالأجانب في 4 يونيو 2013، بالسجن لـ 32 متهمًا في القضية بين عامين وخمس سنوات، وسنة مع إيقاف التنفيذ لـ 11 آخرين. و حَلّ فروع المنظمات الأجنبية المتهمة في القضية وهي: المعهد الجمهوري الأمريكي، والمعهد الديمقراطي الأمريكي، ومنظمة فريدوم هاوس، ومنظمة المركز الدولي الأمريكي للصحفيين، ومنظمة كونراد الألمانية، وإغلاق جميع فروعها في مصر، ومصادرة أموالها وأوراقها بالكامل وجميع ما تمّ ضبطه بهذه الفروع. ووجهت «الجنايات» للعاملين بالمنظمات الأجنبية تهم تلقي الأموال من الخارج «بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها» وإدارة جمعيات بدون ترخيص.
وبالطعن على الحكم، أصدرت محكمة النقض في 5 أبريل 2018 حكمها بإلغاء حكم الجنايات، وبإعادة محاكمة المتهمين الأجانب الذين غادر 17 منهم البلاد بالفعل منذ مارس 2012، بناءً على قرار من رئيس محكمة استئناف القاهرة وقتها، المستشار عبد المعز إبراهيم بإخلاء سبيلهم ورفع حظر السفر عنهم، مقابل كفالة مليوني جنيه لكل منهم، وفي 20 ديسمبر الماضي قضت الدائرة -المعروض عليها التظلمات الحالية برئاسة الفقي- ببراءة المتهمين الـ 43 من جميع التُهم المنسوبة لهم، وإلغاء قرار قاضي التحقيق بمنع عدد منهم من السفر.
فيما اعتبر طاهر أبو النصر، محامي عدد من المتظلمين، أن تعمد المحكمة تسويف الفصل في التظلمات ضد منع نشطاء حقوق الإنسان من السفر يؤكد على وجود حالة عامة ورغبة في استمرار «حالة اللا حسم التي تشهدها تلك القضية منذ عام 2011». وأوضح المحامي لـ «مدى مصر» أن إصدار الدائرة التي تنظر التظلمات لحكم البراءة في ديسمبر 2018 لا يعني أنها ستصدر أحكامًا في صالح المتهمين المصريين المتقدمين بالتظلمات، مشيرًا إلى أنه حتى الآن لا توجد أية مؤشرات على تغيّر تعامل السلطة مع المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان.
في حين أكد مصدر حكومى أن موقف القضاء والسلطة من المتهمين المصريين في قضية المنظمات غير واضح، قائلًا لـ «مدى مصر» إن هناك تباين متزايد في التقدير بين قطاعات متوازية في السلطة المصرية حول مصير الجزء الثاني من ملف القضية «173»، مشيرًا إلى أن هناك جهات حكومية قدرت أنه من الأجدى غلق هذا الملف نهائيًا برفع الحظر المفروض على سفر مَن حُقق معهم بهذه القضية، وإنهاء منعهم من التصرف في أموالهم، وهذا التقدير مبرره وجود آلية جديدة وهي قانون تنظيم العمل الأهلي لمراقبة عمل المجتمع المدني، ويضمن القانون عدم حدوث خروقات أمنية تهدد الصالح المصري الداخلي، كما أن هذه القضية استخدمت للدعاية ضد مصر، بحسب المصدر الحكومي. كما أوضح أن هناك «أجهزة أخرى في الدولة» لا تتفق مع هذا التقدير، بزعم أن مثل هذا القرار سينظر إليه على أنه تخفيف لليد الشديدة في التعامل مع أي مظهر من مظاهر تحدي إرادة الدولة.
وألمح المصدر الحكومي، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، إلى وجود اقتراح بأن يتمّ التحرك القانوني المناسب نحو إغلاق هذه القضية قبل نهاية العام الجاري، غير أن الأمر يبدو أنه غير محسوم حتى الآن.
وكانت مصادر غربية دبلوماسية في القاهرة قد أكدت لـ «مدى مصر» في الشهور الماضية اهتمام مسؤوليها بإثارة هذا الملف مع نظرائهم المصريين «على أعلى مستوى». غير أن أحد هذه المصادر قال إن الأولوية بالنسبة لغالبية العواصم الأوروبية اليوم هو الدور المهم الذي تقوم به السلطات المصرية في سد أبواب «الهجرة غير الشرعية» إلى دول جنوب أوروبا، وقد حققت مصر نقلة كبيرة في هذا المجال. وأشار المصدر الدبلوماسي الغربي إلى أن عدم اهتمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بملف الحقوق والحريات، قائلًا: «الحقيقة لا توجد ضغوط حقيقية على النظام المصري».
تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر الشباب الثامن المقام اليوم، السبت، معلقًا عما ورد في فيديوهات الممثل والمقاول محمد علي خلال الأسبوعين الماضيين. وقبل الذهاب لأهم ما قاله الرئيس -حتى الآن- نذكركم بتعليق محرر الأخبار على الإعلان المفاجئ عن تنظيم المؤتمر قبل أربعة أيام، وكواليس الإعداد للمؤتمر الذي استضافه مركز المنارة المملوك للقوات المسلحة بالتجمع الخامس.
في حين قال السيسي في جلسة «تقييم تجربة مكافحة الإرهاب محليًا ودوليًا» في المؤتمر: «حد ييجي عايز يشوهكوا ويخوفكوا ويقلقكوا.. ويضيّع القيمة العظيمة اللي بيعملها الجيش في مصر.. إيه ده!؟ ده جيش مصر ..[ثم كررها مرتين] اللي هو برضه [يقصد الجيش]، هو مركز الثقل الحقيقي مش في مصر بس في المنطقة كلها ..فـ.. هي جَات بظروفها.. آه والله جات بظروفها، [ثم كررها مرة ثالثة] فـ إزاي بقى». فيما تناول الرئيس ما قاله «علي» في الجلسة المُخصصة لـ «التأثير الإعلامي لنشر الأكاذيب في هدم الدولة»، بشكل أوضح، قائلًا:
سريعًا:
عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا.
اعرف اكتر