لعزل المدينة عن حرم المطار.. بدء تنفيذ «جدار العريش» بارتفاع 6 أمتار
 
 

بعد قرابة شهر من البدء فيه، نفذت السلطات المصرية بالفعل حوالي كيلومتر من جدار عازل ضخم بمحاذاة الطريق الدائري المار جنوبي مدينة العريش، عاصمة شمال سيناء، يفصل المدينة عن الحرم اﻵمن لمطار العريش، حسبما أفادت مصادر محلية وشهود عيان.

وبحسب شهود العيان، بدأت أعمال إنشاء الجدار قبل شهر تقريبًا، جنوب الطريق الدائري، وتحديدًا قرب مدرسة ابن خلدون، فيما امتدت الإنشاءات شرقًا في اتجاه قرية الطويل، وغربًا في اتجاه المنطقة الصناعية.

المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، قالت إن الجدار مكون من حوائط أسمنتية عالية موضوعة فوق قواعد أسمنتية ترتفع قرابة المتر عن سطح اﻷرض، وقدرّت المصادر أن ما تم إنجازه من القواعد الأسمنتية يصل إلى نحو الكيلو ونصف الكيلو متر بمحاذاة الطريق الدائري، فيما تم وضع الحوائط الأسمنتية بطول حوالي كيلو متر واحد فقط حتى اﻵن.

شهود العيان الذين تسمح لهم أعمالهم بالمرور على الطريق الدائري، في المنطقة المحيطة بمطار العريش، لفتوا كذلك إلى وجود خلاط أسمنت عملاق داخل سور المطار، يُنتج الحوائط الأسمنتية، قبل أن تنقلها أوناش عملاقة وسيارات نقل ثقيل إلى القواعد الأسمنتية، مستخدمة طريق ترابي تم تعبيده مؤخرًا بمحاذاة الطريق الدائري.  

وفيما ذكر شهود العيان أن أعمال الإنشاءات تتم تحت إشراف وحدات من القوات المسلحة، مصدر آخر يعمل في مجال المقاولات داخل محافظة شمال سيناء، قال لـ «مدى مصر»، إن المعلومات المتداولة بخصوص الجدار المزمع إنشاؤه تشير إلى أن ارتفاع حوائطه الأسمنتية سيصل إلى قرابة خمسة أمتار ونصف المتر، يعلوها سلك شائك بارتفاع متر، وأن سمك الحوائط سيكون قرابة نصف المتر، وأنها ستكون حوائط مستقيمة، وليست مقوسة كتلك المستخدمة لحماية المقرات الأمنية والحيوية.

بدوره، قال المصدر إن مشروع إنشاء الجدار اُسند لشركة مقاولات وإنشاءات مدنية عملاقة، رجّح أن تكون شركة أوراسكوم للإنشاءات، مرجعًا عدم إسناد المشروع لشركات مقاولات من داخل المحافظة لضخامة المشروع واحتياجه لمعدات ثقيلة لا تتوفر إلا لشركات عملاقة، خاصة خلاط اﻷسمنت «خَلاطة بَامب» الذي كان شهود العيان بدورهم قد تحدثوا عنه.

الأبعاد المبينة في الصورة تقريبية بحسب مصادرنا

ورجّح المصدر أن يمتد عمل شركة الإنشاءات في الجدار لمشروعات أخرى ضخمة داخل المناطق التي سيطوقها الجدار، قد تكون توسعات كبيرة في مطار العريش، أو مشروعات أخرى من تلك المتداولة في سياق الحديث عن ما يسمى بـ «صفقة القرن»، التي قد تشمل مشروعات تنموية داخل شمال سيناء.

وفيما نقل شهود العيان عن عاملين مشاركين في تشييد الجدار أن حدوده غير معلومة حتى اﻵن، وما يعرفونه أنه سيمتد لعشرة كيلومترات بمحاذاة الطريق الدائري، و17 كيلومترًا جنوبًا، بدءًا من تقاطع الطريق الدائري مع طريق «العريش/الحَسنة». أضاف المصدر العامل في قطاع المقاولات أن المعلومات المتوافرة لديه حتى اﻵن أن الجدار سيُطوِّق جهات محددة من الحرم اﻵمن لمطار العريش.

كان الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن في منتصف يناير الماضي عن إقامة حرم آمن لمطار العريش، بمساحة خمسة كيلو مترات حول حقول الطيران، وذلك في أعقاب واقعة استهداف طائرة وزير الدفاع السابق، صدقي صبحي، بصاروخ أثناء وجودها في المطار في ديسمبر من العام الماضي، وكان بصحبته وزير الداخلية السابق، مجدي عبد الغفار.

وفي التاسع من فبراير الماضي بدأت القوات المسلحة وقوات الشرطة تنفيذ العملية الشاملة «سيناء 2018»، التي فرضت خلالها القوات حصار أمني شامل على مدن شمال سيناء، وأفاد شهود العيان أنه بالتزامن مع بداية تلك العملية ازدادت وتيرة العمل في تنفيذ الحرم اﻵمن لمطار العريش الذي أعلن عنه السيسي.

ويغطي الحرم اﻵمن لمطار العريش، حسبما أعلن عنه السيسي، مسافة خمسة كيلو مترات من جهات المطار الثلاث؛ الشرقية والغربية والجنوبية، فيما يمتد لمسافة كيلو ونصف الكيلو متر فقط من جهة الشمال، تنتهي عند الطريق الدائري، حتى لا يقتحم الكتلة السكنية لمدينة العريش.

المصادر وشهود العيان الذين تواصل معهم «مدى مصر» اعتبروا أن الجدار الجديد حال إقامته سيفصل الكتلة السكنية للعريش عن منطقة وادي العريش جنوبي المدنية، والتي تتركز فيها جميع اﻷنشطة الزراعية للمدينة، والتي جرفت مساحات شاسعة منها بالفعل خلال الشهور الماضية، كما أن الجدار سيضم داخله قريتي السلام والحَباين، الواقعتان داخل حرم المطار، واللتان تم إخلائهما بالفعل في فبراير الماضي، وكذلك تجمعات أبومنونة وعرب بلي القريبة من المطار، والتي أجبرت القوات المسلحة القاطنين فيها على الرحيل منها في يونيو الماضي، حسبما أفادت مصادر محلية.

فيما رجحت المصادر أن يضم الجدار داخله أيضًا المنطقة الصناعية المجاورة للمدينة، إن امتد أكثر في اتجاه الغرب، وهي المنطقة التي تحوي العديد من الورش، والتي أصبحت مهجورة منذ منتصف العام الماضي، بعدما أغلقت القوات المسلحة جميع الطرق المؤدية إليها، قبل أن تهدم جرافات تابعة للقوات المسلحة بعض هذه الورش في الفترة ما بين فبراير ومارس الماضيين، في خضم العملية الشاملة، فيما تضرر بعض الورش من سقوط قذائف صاروخية، بحسب رواية أصحابها الذين تحدثوا لـ «مدى مصر» في وقت سابق.

كانت القوات المسلحة قد جرفت أيضًا مساحات شاسعة من مزارع الزيتون جنوبي مدينة العريش خلال الشهور القليلة الماضية، على امتداد الطريق الدائري الذي يبلغ طوله 15 كيلو مترًا، حَسب خدمة خرائط جوجل، بداية من تقاطعه مع الطريق الدولي «العريش/القنطرة شرق» أمام المحطة البخارية لتوليد الكهرباء غرب العريش، وانتهاء بتقاطعه مع طريق وسط سيناء «العريش/الحَسنة».

صاحب مزرعة تبعد كيلومتر واحد غربي مطار العريش قال لـ «مدى مصر» إنه فوجئ قبل أيام قليلة من شهر رمضان الماضي بتجريف مزرعته بالكامل، والمزارع المحيطة بها، رغم عدم تجريفها منذ إعلان الرئيس عن إقامة حرم آمن لمطار العريش.

وأضاف أنه على الرغم من إغلاق المنطقة بشكل كامل منذ بداية العام، إلا إن القوات المسلحة سمحت لهم في بداية يونيو الماضي بدخولها لحمل ما تبقى من المزرعة، من معدات مياه وكهرباء وبعض اﻷثاث.

كانت القوات المسلحة قد أقامت في 2014 سورًا أسمنتيًا «حواجز نيوجيرسي» بارتفاع متر واحد، بمحاذاة الطريق الدائري، جنوبي المدينة، بالكامل، اشتمل على منافذ محددة تسمح بدخول السيارات للمدينة، غير أن أجزاءً كبيرة من هذا السور تهدمت بالفعل، خاصة خلف حي الصفا، والذي يعد منطقة نشاط مكثف لتنظيم «ولاية سيناء».

ويأتي بناء جدار العريش، بعد أشهر قليلة من إقامة القوات المسلحة سياج شائك يفصل المنطقة العازلة على الحدود المصرية الفلسطينية عن باقي مدينة رفح، ويبلغ عمق المنطقة العازلة خمسة كيلومترات، وعرضها 14 كيلومترًا، وهي المنطقة التي تم تجريفها وإخلائها من السكان على خمسة مراحل.

اعلان
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن