هل قرار رئيس الوزراء حول «محاكم أمن الدولة».. خطوة لتجديد «الطوارئ»؟
 
 

فيما تنتهي مساء اليوم، الثلاثاء، حالة الطوارئ المفروضة منذ 10 أبريل الماضي، على كافة أنحاء جمهورية مصر العربية، كان قرار رئيس الوزراء الصادر الأحد الماضي، بإحالة القضايا المرتبطة بالجرائم المنصوص عليها في 10 قوانين إلى محكمة أمن الدولة طوارئ، بما يشمله من آثار مترتبة على القرار، وأسباب إصداره قبل 72 ساعة فقط من انتهاء مدة الستة أشهر التي حددها الدستور كحد أقصى لإعلان ومد حالة الطوارئ، مثيرًا للجدل.

كان المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء «المفوض في اختصاصات رئيس الجمهورية في قانون الطوارئ»، أصدر يوم الأحد الماضي، قراره رقم 2165 لسنة 2017 بإلزام النيابة العامة بإحالة القضايا المرتبطة بالجرائم المنصوص عليها في قوانين: «التجمهر»، و«العقوبات»، و«التموين»، و«التسعيرة الجبرية»، و«الأسلحة والذخائر»، و«حرمة أماكن دور العبادة»، و«التظاهر»، و«تجريم الاعتداء على حرية العمل» و«تخريب المنشآت»، و«مكافحة الإرهاب» إلى محكمة أمن الدولة طوارئ المشكلة بموجب قانون الطوارئ، على أن تقتصر الإحالة على الدعاوى التي لم تحال إلى المحاكم.

توسيع صلاحيات محاكم أمن الدولة

«قرارات اللحظات الأخيرة» هكذا وصف المستشار أحمد عبدالرحمن، النائب الأول لرئيس محكمة النقض الأسبق، القرار، قائلًا لـ«مدى مصر» أن رئيس الوزراء المفوض من رئيس الجمهورية بصلاحيات الحاكم العسكري، استغل الساعات الأخيرة في عمر حالة الطوارئ وأصدر هذا القرار ليقنن استمرار محاكم أمن الدولة طوارئ أطول فترة ممكنة.

 وأضاف «عبدالرحمن» أن قرار رئيس الوزراء سيطبق بأثر رجعي، ويسري على كافة المتهمين الذين وجهت لهم تهم تظاهر أو تجمهر أو تعطيل المواصلات أو إرهاب في الفترة من 10 أبريل حتى 10 أكتوبر الجاري، لأنه بموجب القرار يكون على النيابة العامة أن تحيل كافة القضايا الموجودة بحوزتها بسبب مخالفة القوانين العشرة التي تضمنها القرار إلى محكمة أمن الدولة طوارئ الجزئية بالنسبة للجنح، والعليا في حالة الجنايات.

وأوضح «عبدالرحمن» أن رئيس الوزراء بموجب هذا القرار أيضا سيحتفظ بصلاحيات الحاكم العسكري على الأحكام التي تصدرها محاكم أمن الدولة طوارئ في تلك القضايا، بما يشمل تخفيف العقوبة المحكوم بها أو استبدالها بعقوبة أقل منها أو إلغاءها أو الأمر بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى حتى إذا انتهت حالة الطوارئ.

وكان رئيس الوزراء قد أصدر في 4 مايو الماضي قرارا بتعيين أعضاء محاكم أمن الدولة طوارئ الجزئية والعليا، وتعد محكمة أمن الدولة طوارئ، محكمة استثنائية تشكل فقط في حالة سريان قانون الطوارئ، وتحال أحكامها إلى الحاكم العسكري «رئيس الجمهورية أو من يفوضه للتصديق عليها»، وبعد التصديق على أحكامها تعد أحكاما  نهائية لا يجوز الطعن عليها، ويجوز فقط التظلم على أحكامها أمام الحاكم العسكري، دون أن يكون للمتظلم حق التمسك بقاعدة عدم إضرار الطاعن بطعنه فيمكن أن يترتب على التظلم زيادة العقوبة. كما تختص المحكمة بالفصل في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأوامر الحاكم العسكري أو من يقوم مقامه، وغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام، وتتشكل المحكمة في حالة الجنح والجرائم التي يعاقب عليها بالحبس والغرامة من أحد قضاة المحاكم الابتدائية، وفي حالة الجنايات من  ثلاثة مستشارين يعينهم رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي وزير العدل، ويجوز لرئيس الجمهورية أن يضم لتشكيل المحكمة قاض واثنين من ضباط القوات المسلحة من رتبة نقيب أو ما يعادلها على الأقل في حال الجنح  وثلاثة مستشارين وضابطين من الضباط القادة في الجنايات بعد أخذ رأي وزير الدفاع.

 

مقدمة لإعادة فرض الطوارئ

هناك وجهة نظر أخرى حول القرار، يوضحها المستشار عادل الشوربجى النائب الأول السابق لرئيس محكمة النقض، قائلًا إن القرار مقدمة لإعادة فرض حالة الطوارئ من جديد، مضيفا أن القرار يتعلق بالقضايا الجديدة التي ستعرض على النيابة العامة، عقب سريان قرار رئيس الوزراء، لأن الإحالة مرتبطة بسريان حالة الطوارئ، حسب قوله.

يتفق مع الرأي السابق، النائب عفيفي كامل عضو اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، موضحا أن رئيس الوزراء مفوض من رئيس الجمهورية في اتخاذ كل الإجراءات الخاصة بقانون الطوارئ، ولهذا أصدر قراره الأخير تطبيقا للمادة 9 بالقانون التي تمكن رئيس الجمهورية، أو من يقوم مقامه، أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة طوارئ أية جرائم يعاقب عليها القانون العام، معتبرا أن الغرض من إحالة كل تلك الجرائم إلى محاكم أمن الدولة العليا طوارئ هو الرغبة في سرعة إنجاز تلك القضايا.

وقال «كامل» لـ«مدى مصر» إنه يتوقع أن يطلب رئيس الجمهورية من مجلس النواب في أقرب وقت إعادة فرض حالة الطوارئ على البلاد مرة أخرى، مضيفًا «الضرورات تبيح المحظورات ولا مانع من مخالفة بعض مواد الدستور من أجل المصلحة العليا للبلاد».

وأشار عضو لجنة الشؤون الدستورية بالبرلمان إلى أن الدستور نص على إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر ثم مدها مرة واحدة فقط، لكن في نفس الوقت الدستور لم يحظر إعادة إعلان حالة الطوارئ من جديد، مثلما حدث في سيناء بسبب الظروف الأمنية التي لا يمكن معها الاستغناء عن حالة الطوارئ.

وتنص المادة 154 من الدستور على أنه «في جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ, ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة, بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس».

وفي ضوء القرارين الصادرين من الرئيس عبدالفتاح السيسي في 10أبريل و10 يوليو 2017 بإعلان حالة الطوارئ ومدها في أنحاء البلاد كافة، تنتهي مدة الستة أشهر التي حددها الدستور كحد أقصى لفرض حالة الطوارئ على البلاد في الثانية عشرة من مساء اليوم الثلاثاء.

هناك وجهة نظر قانونية بموضوع تجديد حالة الطوارئ، يطرحها مصدر قضائي بالمحكمة الإدارية العليا، وهي أن القاعدة الدستورية والقانونية تلزم بانتهاء إجراءات الطوارئ بانتهاء مدة سريانها، موضحًا لـ«مدى مصر» أن قرار رئيس الوزراء بإحالة جرائم التظاهر والإرهاب وغيره إلى محكمة أمن الدولة طوارئ إلى جانب مخالفته للدستور، ينطوي على مخالفة لقانون الطوارئ نفسه، وتحديدا المادة «19» التي تنص على أنه «عند انتهاء حالة الطوارئ تظل محاكم أمن الدولة مختصة بنظر القضايا التي تكون محالة عليها وتتابع نظرها وفقاً للإجراءات المتبعة أمامها.أما الجرائم التي يكون المتهمون فيها قد قدموا إلى المحاكم فتحال إلى المحاكم العادية المختصة وتتبع فى شأنها الإجراءات المعمول بها أمامها».

وأشار المصدر القضائي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن رئيس الوزراء تعمد توسيع صلاحيات محاكم أمن الدولة الاستثنائية، متجاهلا أحكام القضاء، والدستور، مضيفا أن المحكمة الإدارية العليا أحالت في شهر مايو الماضي، المواد «12»و«14»و«20» من قانون الطوارئ إلى المحكمة الدستورية العليا، وكان يجب أن تنتظر الحكومة حكم المحكمة الدستورية العليا.

  وتمنع المادة «12» من قانون الطوارئ المواطنين من الطعن على الأحكام الصادرة من محاكم أمن الدولة، وتعطي المادة «14» لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء سلطة إلغاء الأحكام الصادرة ضد المتهمين أو تخفيفها أو إحالتهم للمحاكمة أمام دوائر أخرى، وتُخضع المادة «20» المواطنين لمحاكم أمن الدولة، التي تشكل في ظل سريان حالة الطوارئ بعد انتهائها.

وكانت المحكمة الإدارية  قررت، في 20 مايو الماضي، وقف دعوى أقامها أحد المتهمين في قضية «خلية الزيتون» لحين فصل المحكمة الدستورية العليا في مدى دستورية المواد «12» و«14» و«20» من قانون الطوارئ.

 

اعلان
 
 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن