«الصيادلة» تنافس شركة حكومية على شراء كبرى شركات المحاليل الطبية.. هل يستفيد المستهلك؟

تستعرض الجمعية العمومية لشركة «المتحدون فارما»، اليوم الثلاثاء، العروض النهائية المقدمة من قبل كل من نقابة الصيادلة والشركة العربية للصناعات الأدوية والمستلزمات الطبية (أكديما) المملوكة للحكومة لشراء مصنع «المتحدون فارما» الذي تملكه الشركة، بحسب تصريحات الدكتور جورج عطا الله عضو مجلس نقابة الصيادلة وممثل شركة فينكورب المستشار المالي لشركة المتحدون لـ«مدى مصر».

وكانت نقابة الصيادلة أعلنت أول أمس الأحد عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة المتحدون فارما، إلا أن «عطا الله» أكد أن المذكرة لا تعني موافقة الشركة على بيع المصنع للنقابة بعد.

واستمرت مفاوضات الشركة، والتي يسيطر إنتاج مصنعها «المتحدون فارما» على قرابة الـ 50% من إنتاج المحاليل الطبية في مصر، مع كل من نقابة الصيادلة وأكديما على مدار الأسابيع الماضية، وسط تضارب الأقوال حول اقتراب الأخيرة من شراء المصنع.

وكانت وزارة الصحة أوقفت خط إنتاج المحاليل الوريدية لمصنع «المتحدون فارما للمحاليل الطبية» في يوليو 2015، بعد أن ثبت تسمم ووفاة 8 أطفال في محافظة بني سويف العام الماضي، بسبب المحاليل التي تنتجها الشركة. وقال المتحدث باسم وزارة الصحة، خالد مجاهد، في أغسطس الماضي أن الوزارة شكلت لجنة لوضع ضوابط إعادة فتح المصنع. إلا أن وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، قرر في أكتوبر إرجاء إعادة تشغيل المصنع لحين إعدام كل الكميات التي تم ضبطها وتحريزها منذ يوليو 2015.

ونتج عن توقف إنتاج المصنع للمحاليل الطبية حدوث أزمة كبيرة في سوق المحاليل، التي يصل الاستهلاك المحلي به إلى قرابة الـ9 ملايين وحدة شهرياً، وتفاقمت هذه الأزمة في ظل عدم قدرة باقي الشركات المصنعة للمحاليل الطبية الوفاء بالطلب المتزايد على المحاليل والذي أدى  بدوره إلى ارتفاع أسعار المحاليل بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة. وتزامن ذلك مع عدم قدرة شركات الأدوية المحلية على استيراد الأدوية بسبب أزمة نقص الدولار، الأمر الذي حدا بوزارة الصحة للإعلان عن زيادة أسعار الدواء بنسبة 20% للأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهاً في مايو 2016، مصحوبة بزيادة أخرى في ديسمبر من نفس العام.

وتواجه مصر أزمة ارتفاع تكلفة إنتاج الدواء مع تحرير سعر الصرف منذ 3 نوفمبر الماضي في ظل تثبيت تسعيرة الدواء، حيث تعتمد صناعة الدواء على استيراد المواد الخام الضرورية للتصنيع. وصاحب قرار تحرير الصرف الذي أدي إلى انخفاض كبير بقيمة الجنيه، التخلص من قواعد كانت تقضي بمنح الأولوية في النفاذ للعملة الأجنبية في البنوك لمستوردي الدواء والمستحضرات الطبية ضمن حزمة من السلع الأساسية، وهو ما كان يعني تمتعهم بسعر منخفض نسبيًا للدولار غير المتوفر بالمقارنة بغيرها من السلع التي يضطر مستوردوها لشراء الدولار من السوق الموازي بسعر أعلى. وأدى إلغاء تلك القواعد الآن لاستيراد الأدوية بـ«أسعار السوق».

ويرى «عطا الله» أن القطاع الخاص يسيطر على صناعة الدواء والمستلزمات الطبية بشكل كبير، وتملك الحكومة أو نقابة الصيادلة لمصنع المتحدون يضمن إشرافاً مباشراً على عملية الجودة وضمان الإتاحة، وهو الأمر الذي يصب في مصلحة المستهلك بالنهاية. وأضاف: «إذا نجحت النقابة في الفوز بصفقة الاستحواذ، سنكون قادرين على البدء في الإنتاج في خلال شهر فقط، ما يؤدي لحل أزمة نقص المحاليل الطبية التي نتجت عن توقف عمل مصنع المتحدون فارما بشكل كبير. وبغض النظر عمن سينجح في الاستحواذ، هذا يعني أن الدولة أخيراً قررت التدخل لحل أزمة الإتاحة التي تؤدي لارتفاع الأسعار».

وبالإضافة إلى المحاليل الطبية، تنتج شركة «المتحدون فارما» قرابة 57 مستحضراً طبياً مسجلاً في وزارة الصحة، يُوزع منهم فعلياً 25 مستحضراً، بحسب تصريحات نقيب الصيادلة محيي الدين عبيد لجريدة الأهرام.

يقول الباحث في السياسات الصحية الدكتور علاء غنام، إن دخول الملكية المجتمعية في صناعة الدواء والمستلزمات الطبية متمثلة في نقابة الصيادلة أو من خلال الدولة ممثلة في الشركة القابضة هو خطوة تجاه الحل الصحيح لإنهاء السيطرة الطويلة للقطاع الخاص على صناعة الدواء، وهو الأمر الذي نتج عنه تفاقم أزمة نقص الأدوية وارتفاع أسعارها في أعقاب الأزمة الاقتصادية الراهنة.

وأضاف «غنام»: «اعتمدت صناعة الأدوية في مصر منذ بداياتها في عام 1939 على الملكية المجتمعية، باعتبار أن صناعة الدواء هي صناعة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحق في الحياة، وبالتالي لا يجوز تركها تحت رحمة القطاع الخاص بالكامل دون رقيب». لكن الأهم حسب «غنام» هو «الآليات» موضحا أنه يجب المشاركة المجتمعية في صياغة السياسات الصحية والدوائية لإنهاء هيمنة القطاع الخاص على صناعة الدواء التي تسيطر عليها احتكارات دولية.

كان محيي حافظ، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء ورئيس لجنة الصحة والدواء في اتحاد المستثمرين ووكيل المجلس التصديري للدواء، قد أوضح في تصريحات سابقة لـ «مدى مصر»إن القطاع الخاص الأجنبي يمثل 59.9% من مبيعات الدواء في مصر، بينما يمثل القطاع الخاص المصري النسبة الباقية.

ونادى الكثيرون من المهتمين بسياسات الحق في الدواء في مصر بضرورة عودة الدولة للدخول في صناعة الدواء لتجنب أزمات الإتاحة وارتفاع الأسعار، حيث قال محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء في تقرير سابق لـ «مدى مصر» أن قطاع الدواء المملوك للدولة لعب دورًا أساسيًا في الماضي في إمداد السوق بدواء آمن وفعال وبسعر اقتصادي، حيث أنتجت 11 شركة مملوكة للدولة ما يقارب من 77% من الأدوية المتوافرة في السوق، بالمقارنة بإنتاج هذه الشركات ما نسبته 5% فقط من السوق حالياً.

 

اعلان

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن