أبرز كلام البرلمان قبل إقراره لاتفاقية «تيران وصنافير»
 
 
صورة: بسمة فتحي
 

أعلن رئيس مجلس النواب علي عبد العال، اليوم، موافقة البرلمان على اتفاقية ترسيم الحدود  البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وإرسالها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي للتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، بعد أن صَوََّتَ ما يقرب من 400 نائب بالموافقة على إقرارها٬ ونقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة.

بينما تجمهر عدد من النواب المعارضين على إقرار الاتفاقية أمام مكتب رئيس البرلمان للمطالبة بتسجيل أسمائهم في مضبطة الجلسة بوصفهم رافضين لها. فيما هدد نواب تكتلا 25/30 والإرادة المصرية إلى جانب تحالف حق الشعب بتقديم استقالات مُسببة.

وقال النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25/30، لـ«مدى مصر» إن التصويت باطل، وأضاف أن رئيس البرلمان اتخذ كل الإجراءات الكفيلة من أجل حجب الرأي المعارض للاتفاقية. وقد أوضح أن عبد العال تعمد رفض طلب النواب المعارضين لهذه الاتفاقية بتنفيذ المادة 325 من اللائحة، والتي تعطي للنواب حق التصويت نداءً بالاسم على القضايا التي يرونها خلافية. وقد فسر الحريري ذلك بقوله: «حتى لا يعلم أحد حقيقة عدد الرافضين والمؤيدين، تقدم 101 نائب لرئيس البرلمان حتى الآن بطلبات لتسجيل رفضهم للاتفاقية بمضبطة الجلسة، وسبق وتقدمنا بـ70 توقيعًا للتصويت بالاسم، ولكن رئيس البرلمان تجاهل كل هذه المطالب».

وأشار الحريري إلى أن أكثر من 100 نائب يدرسون الآن التقدم باستقالات مُسببة إذا لم يستجب رئيس البرلمان لطلباتهم في إعادة التصويت على الاتفاقية.

وكان رئيس البرلمان قد ختم جلسة أمس، الثلاثاء، برفض طلب تقدم به عدد من نواب تكتل 25/30 لتمكينهم من الحصول على استمارة لجمع توقيعات النواب، لتزكية طلبهم بالتصويت على الاتفاقية نداءً بالاسم، لتوثيق موقف النواب من الاتفاقية بالقبول أو الرفض. وكان نواب تكتل 25/30 قد اعتصموا بالبرلمان أمس قبل أن يبلغهم وكيل البرلمان سليمان وهدان بموافقة عبد العال على طلبهم، على أن تُصرف الاستمارة لهم صباح اليوم، وهو ما لم يحدث. ورفض علي عبد العال، قبل جلسة العامة لإقرار الاتفاقية، صرف استمارة التصويت نداءً بالاسم للنواب، وتمّ التصويت على الاتفاقية بالوقوف مِن جانب النواب الموافقين.

من جانبه قال النائب مصطفى كمال الدين حسين، منسق تحالف حق الشعب، إن الطريقة التي اعتمدها رئيس البرلمان للتصويت لا تسمح بكشف هوية الموافقين على الاتفاقية، والرافضين لها بدقة.

كما أضاف أن  طريقة إقرار لجنة الدفاع والأمن القومي للاتفاقية، خلال نصف ساعة مع غياب أكثر من نصف أعضائها٬ كافٍ لكشف المشهد العبثي الذي ساهم في موافقة البرلمان على الاتفاقية.

وقد أوضح لـ «مدى مصر» أن نواب لجنة الدفاع والأمن القومي تغيبوا عن حضور الاجتماع لأن التصويت على الاتفاقية داخل اللجنة سيوثقه تقرير اللجنة، الذي سينشر في وسائل الإعلام ويوزع على جميع النواب، بينما التصويت داخل الجلسة العامة لن يكون موثقًا.

وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي برئاسة النائب كمال عامر قد وافقت صباح اليوم، الأربعاء، على الاتفاقية بغالبية الآراء. وقد وافق 12 عضوًا من أصل 15 كانوا قد حضروا الاجتماع. واعترض النواب أحمد البرديسى وأسامة أبوالمجد ومحمد عقل على الاتفاقية وتغيب عن اجتماع اللجنة 22 عضوًا، والتي تتكون من 37 عضوًا.

وقامت اللجنة برفع تقريرها إلى رئيس مجلس النواب، بعد اجتماع حضره إلى جانب رئيس وأعضاء اللجنة وزير شؤون مجلس النواب عمر مروان، والعميد أشرف العسال، رئيس هيئة المساحة البحرية، إضافة إلى  النواب محمد زكي السويدى، رئيس ائتلاف دعم مصر، ومصطفى بكرى، وكمال أحمد. وبعد نصف ساعة من هذا الاجتماع رفع التقرير لرئيس البرلمان.

وكانت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية قد أُحيلت إلى لجنة الدفاع والأمن القومي، مساء أمس، بوصفها اللجنة المختصة بنظر الأمور الفنية المرتبطة بهذه الاتفاقية بعد موافقة لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية على الاتفاقية وعدم مخالفة بنودها للدستور أو وجود مبرر لطرحها في استفتاء شعبي.

وعقب تسلم رئيس البرلمان لتقرير لجنة الدفاع والأمن القومي عن الاتفاقية افتتح الجلسة العامة في تمام الثانية ظهرًا، بالاعتذار للنائب كمال أحمد، بعدما أعلن الأخير أمام النواب، أنه تلقى إهانات وسباب وشتائم من عدد من النواب، بسبب موقفه من اتفاقية ترسيم الحدود، وتأييده لسعودية جزيرتي تيران وصنافير.

ووجه عبد العال كلمته للنواب: «أمنيتى أن أقدم للعالم كله جلسة حوار ديمقراطى تعكس تاريخ المجلس الذى مر عليه 150 عامًا»، وأضاف: «سيتم الأخذ في الاعتبار عرض كافة الآراء بمنتهى الديمقراطية».

وطرح رئيس البرلمان الاتفاقية للنقاش، خلال 90 دقيقة، بدأت بمنحه الكلمة للنائب كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، ليُعلن موافقة لجنة الدفاع والأمن القومي على الاتفاقية الموقعة في القاهرة في 8 أبريل عام 2016، مبررًا ذلك بأن عملية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية أظهرت وقوع جزيرتي تيران وصنافير ضمن المياه الإقليمية السعودية.  وقرأ عامر ما جاء بتقرير اللجنة المشتركة بين لجنتَي الأمن القومي والشؤون الدستورية بأن الاتفاقية «أكدت وقوع الجزيرتين في الجانب السعودي إلا أننا نثق أنهما ستكونان في خدمة الأمن القومي المصري والعربي»، ثم خَتَمَ كلمته بالتأكيد على أن «السيادة في جزيرتي تيران وصنافير للسعودية من عام 1950 عندما طلبت السعودية من مصر احتلال الجزيرتين سلميًا»، وهو الأمر الذي اعترض عليه نواب تكتلا 25/30 والإرادة المصرية وتحالف حق الشعب، الذين جلسوا في أربعة صفوف على يسار منصة رئيس البرلمان، وتعَاَلَت هتافات بأن التاريخ والجغرافيا والقضاء بيقولوا تيران وصنافير مصرية.

وعلى إثر هذه الهتافات أعطى رئيس البرلمان الكلمة لوزير شؤون مجلس النواب عمر مروان، ليعلق بأن عدم وجود أي مخالفة دستورية تشوب الاتفاقية، بل أنها «تحقق المصلحة العليا للبلاد».
كما أضاف: «لم تأت بجديد عن القرار الجمهوري الصادر في يناير 1990 والمودع في الأمم المتحدة في نفس العام، وإنما نُقر واقع». وأوضح مروان أن الحكومة قدمت المستندات المطلوبة لمجلس النواب حتى يُطمئن قلب الجميع على  سلامة الاتفاقية ومصلحة البلاد.

سيادة لا تحسمها المسافات

وتحدث العميد أشرف العسال، رئيس شعبة المساحة البحرية، الذي كان قد أكد، في جلسات اللجنة التشريعية الأحد الماضي، على سعودية الجزيرتين، وبُعدهم عن مصر بمسافة 4500 متر في مقابل قربهم من السعودية بـ 800 متر فقط خلال اجتماع الأول للجنة التشريعية لمناقشة الاتفاقية هذا الأسبوع.

وأكد العسال، في كلمته، مرة أخيرة على قرب الجزيرتين من السعودية عن مصر، وأضاف بأن الأخيرة «لا سيادة لها على الجزيرتين حتى إذا فرضنا قربهما من الساحل المصري، لأننا  حسمّنا نهاية إقليمنا البري وخط أساسه بقرار رقم 27 اسنة 1990 والذي لا يتضمن أى نقاط أساس على جزيرتَي تيران وصنافير، بينما تمتلك السعودية 6 نقاط أساس فى صنافير وواحدة فى تيران»، حسبما أوضح العسال خلال الجلسة العامة اليوم.

كما تزامت كلمة رئيس شعبة المساحة البحرية مع عرض لمجموعة خرائط على شاشة العرض الرئيسية بالبرلمان، وقال: «السيادة لا تحسمها المسافات ولكن يحكمها التاريخ».

تسبب ذلك في اعتراض عدد من النواب، ورددوا هتافات تؤكد على مصرية الجزيرتين، بينما أشاد على عبد العال بحديث العسال، قائلًا: «القوات المسلحة مدرسة الوطنية المصرية مليئة بالكفاءات التي تستطيع أن تتصدى لأي مشكلة بحرية، والعميد العسال ليس فقط عاش على سطح البحر الأحمر، لكنه أحد الذين جابوا في أعماقه بحكم تخصصه».

الوطنية تحتم الموافقة

بعد ذلك تحدث سبعة من النواب كان أولهم محمد زكي السويدي، رئيس ائتلاف دعم مصر، الذي بدأ كلمته بتلاوة الآية القرآنية «إن الله يأمركم بأن تؤدوا الأمانات إلى أهلها»، وأضاف: «الاتفاقية حسمت بالقرار الجمهوري الصادر عام 1990 ولم يتم استكمال التعاقدات وكتَبَ علينا كنواب أن نحسم هذا الملف كما سبق وفعلنا مع ملفات الدعم».

وأكد السويدي أنه يعرف أن البرلمان سيخسر شعبية جراء إقرار هذه الاتفاقية، لكن الأمانة في العمل تتطلب اتخاذ هذا القرار. وأشار إلى وجود فوائد لإقرارها مثلما حدث عندما أُقرت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص، أفادت الأولى في اكتشافات الغاز. وأضاف السويدي: «لو كانت الاتفاقية خاطئة لرفضتها القوات المسلحة، ولكن المشكلة أن الحكومة فشلت في تقديمها للرأي العام».

وكرر رئيس ائتلاف دعم مصر، في ختام كلمته، أنه يعرف تبعات قرار الموافقة على الاتفاقية، مبررًا ذلك بقوله: «سنعاني منه شعبيا، لكن الوطنية تحتم  ذلك».

وقد لاقت العبارة الأخيرة استحسان بعض المعارضين للاتفاقية، وطالبوا رئيس البرلمان بالتريث في إجراءات تمريرها.

من جانبه طالب النائب محمد عبد الغني، عضو تكتل 25/30، رئيس البرلمان والنواب بعدم الربط بين الاتفاقية من ناحية وبين المجلس الأعلي للقوات المسلحة والرئيس السيسي من ناحية أخرى. موضحًا أن كلام النواب يجب أن يكون عن موضوع الاتفاقية فقط، التي يرفضها الشعب المصري. وقد أكد حكم قضائي أنها تتضمن التنازل عن جزء من إقليم الدولة، ولم يقل رؤساء مصر السابقين غير ذلك، حسبما أكد عبد الغني.

بعد ذلك منح علي عبد العال الكلمة لكلٍ من النواب علاء عابد، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، وبسام فليفل ومصطفى بكري ومحمد صلاح خليفة، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب النور، وقد أكدوا جميعًا على سعودية تيران وصنافير.

وكانت الكلمة الأخيرة في المناقشات للنائب مصطفي كمال الدين حسين، منسق تحالف حق الشعب، الذي أعلن رفضه للاتفاقية. وقال حسين:  «أنا من أبناء القوات المسلحة، وشاركتُ في حروبها، وحصلتُ على نوط الشجاعة من الدرجة الأولى والقوات المسلحة فوق دماغي، ووالدي (كان) من قادة 23 يوليو الذين حرروا مصر.. ومش موافق على الاتفاقية». ووجه النائب حمدي بخيت، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، كلامه لحسين قائلًا: «أنت متتكلمش عن القوات المسلحة»، ليوجه منسق تحالف حق الشعب لومًا لرئيس البرلمان لسماحه بأن يوجه له أحد النواب اتهامًا بالخيانة، فرد عبد العال قائلًا: «لم يتهمك بالخيانة ومفيش حد خاين هنا».

رئيس البرلمان يقدر للحماس

ورد النائب مصطفى كمال الدين حسين على رئيس البرلمان: «الاتفاقية باطلة ودفاع الحكومة عن سعودية الجزيرتين ساذج.. لم نسمع غير أن الدولة المصرية تنازلت عن الجزيرتين.. أين كنّا عام 1990.. لماذا تريدون أن تلصقوا بالبرلمان تهمة بيع الأرض؟».

وقال عبد العال إن «البرلمان استعان بكافة الخبراء ومنهم الذين يعلم (مجلس النواب) عدم اتفاق رأيهم مع الحكومة»، لكن النائب قاطعه: «محصلش مجبتوش غير المؤيديين»، فرد عبد العال بأنه يقدر حماس «حسين»، ثم طالب النواب بالتصويت على الاتفاقية على أن يقف الموافقون ليقر البرلمان ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والتنازل عن تيران وصنافير.

اعلان
 
 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن