الدولة تنقل معركة «تيران وصنافير» للبرلمان.. ومصدر: السعودية غيّرت خرائطها لضم الجزيرتين
 
 
صورة: Basma Fathy
 

بعد عام من توقيع الحكومة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وفشلها في كسب المعركة القانونية التي أشعلها معارضوها، وبالتوازي مع ضغوط سعودية لتفعيل الترسيم الجديد وضم جزيرتي تيران وصنافير إلى إقليمها؛ قررت الدولة اللعب بورقة البرلمان، ذو الأغلبية المؤيدة للنظام الحاكم لإنفاذ الاتفاقية.

عدم تعويل الدولة على المسار القضائي كان واضحًا في خطوة إرسال الاتفاقية إلى البرلمان في الثاني من يناير الماضي، قبل أيام من إصدار المحكمة الإدارية العليا حكمًا باتًا ونهائيًا بتأييد ما قضت به محكمة القضاء الإداري في يونيو الماضي ببطلان الاتفاقية.

بالأمس، أعلن علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، إحالة الاتفاقية للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لمناقشتها، وتحديد طريقة إقرارها، فيما لا زالت المحكمة الدستورية العليا تنظر دعويي منازعة أقامتهما هيئة قضايا الدولة (محامي الحكومة) لوقف تنفيذ حكم من القضاء الإداري. وفي 13 مارس الماضي، حجزت هيئة مفوضي الدستورية العليا الدعويين لكتابة التقرير الاستشاري بشأنهما، تمهيدًا لإحالتهما لقضاة المحكمة.

«الحكومة قررت تفادي المسار القضائي، خشية مماطلة المحكمة الدستورية العليا»

قبل ساعات قليلة من إعلان رئيس البرلمان عن إرسال الاتفاقية للجنة التشريعية، أرسلت السفارة المصرية في الرياض إخطارًا عاجلًا إلى القاهرة، قالت فيه إن المملكة غيّرت كافة خرائطها الرسمية، وعلى الأخص تلك الموجودة في الكتب الدراسية والخرائط السياحية لتتضمن جزيرتي تيران وصنافير ضمن حدودها الرسمية، بحسب تصريحات مسؤول دبلوماسي مصري رفيع المستوى لـ«مدى مصر».

وأضاف المصدر أن الرياض لم تخطر السفارة المصرية بذلك، كما أن مكتب الرئيس أو الخارجية المصرية لم يكلفا السفارة في الرياض بطلب توضيح من السلطات السعودية يتعلق بهذه المسألة.

تتفق مصادر حكومية على مسار حسم الملف من الناحية المصرية؛ إذ تؤكد أن «رئيس الجمهورية كان واثقًا أن حديثه سينهي الأمر، وأن شعبيته وثقة الناس فيه بوصفه مخلص البلد من المخاطر، ستغلاقان باب الأحاديث تمامًا في المسألة»، مضيفة أن «إصرار الرئيس تجاوز كافة التحذيرات والتحسب، وجاء بعضه من قبل وزارتي الدفاع والخارجية، التي شهدتها مرحلة التمهيد للاتفاق، والتي امتدت إلى أكثر من عام بداية من نوفمبر 2015 وحتى أبريل 2016، خاصة مع إصرار القانوني مفيد شهاب على بساطة المسألة وسهولة تمريرها».

بين احتمالات محدودة للمسار الذي قد تتخذه الدولة للعبور من الأزمة، بدا واضحًا مع القرار الأخير بإحالة الاتفاقية إلى اللجنة التشريعية في البرلمان حاسمًا في توضيح السيناريو الأقرب للتنفيذ. خاصة مع توارد احتمالات بأن المحكمة الدستورية العليا أقرب للحكم لصالح حكم المحكمة الإدارية ببطلان الاتفاقية، ضد حكم محكمة الأمور المستعجلة باستمرار نفاذها.

خالد علي: «سنطالب القضاء الإداري بسرعة الفصل في الدعاوى المطالبة ببطلان قرار رئيس الوزراء بإحالة الاتفاقية للبرلمان»

ويقول المصدر الدبلوماسي إن ما بدا واضحًا هو أن الحكومة قررت تفادي المسار القضائي، خشية مماطلة المحكمة الدستورية العليا، خاصة وأن عنصر الوقت يشكّل عاملًا مهمًا في الابتعاد قدر الإمكان عن المعارضة الشعبية المحتملة، بالذات في ظل فرض حالة الطوارئ، واستغلال حلول شهر رمضان، حيث يتراجع الاهتمام بالشأن العام بصفة عامة.

ويضيف المصدر: «يبقى هذا السيناريو متعلقًا بالثقة في قدرة البرلمان، وهي مسألة تجري متابعتها بصفة دورية في لقاءات بين رئيس البرلمان وقادة السلطة التنفيذية».

ومن المتوقع، بحسب المصدر، أن الزيارة التي سيجريها وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى القاهرة خلال الشهر الحالي، ستتضمن تجديد الإشارات المصرية بالتزامها بتنفيذ تعهداتها بشأن الجزيرتين، وذلك من ضمن ملفات أخرى للتعاون المشترك ومخرجات القمة العربية الأخيرة.

أبو شقة: «اللجنة التشريعية لن تدرس موضوع الاتفاقية، وإنما تحدد موقفها بحسب المادة 151 من الدستور»

كان المستشار رفيق شريف، مسؤول ملف تيران وصنافير في هيئة قضايا الدولة، قد صرح قبل أيام أن الهيئة قررت اللجوء إلى البرلمان لحسم مصير الاتفاقية، بعدما قضت محكمة الأمور المستعجلة بوقف حكم الإدارية العليا ببطلان الاتفاقية.

من جانبه، قال المحامي خالد علي: «سنطالب القضاء الإداري بسرعة الفصل في الدعاوى المطالبة ببطلان قرار رئيس الوزراء بإحالة الاتفاقية للبرلمان»، مضيفًا أن «المحكمة من المقرر أن تفصل في 10 دعاوى قضائية تطالب ببطلان قرار رئيس الوزراء الصادر في 29 ديسمبر الماضي بالموافقة على الاتفاقية وإرسالها للبرلمان. وبعد قرار البرلمان الأخير سنطالب المحكمة بتحديد جلسة عاجلة للنطق بالحكم في تلك الدعاوى قبل انتهاء اللجنة التشريعية من دراسة بنود الاتفاقية وعرضها على الجلسة العامة».

كان بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان، قد حدد في تصريحات سابقة لـ«مدى مصر» الدور الذي ستقوم به اللجنة التشريعية تجاه الاتفاقية، حيث قال إن اللجنة التشريعية لن تدرس موضوع الاتفاقية، وإنما تحدد موقفها بحسب المادة 151 من الدستور، محددًا ثلاث إجراءات لن يخرج عنها قرار اللجنة بشأن الاتفاقية:

الإجراء الأول: إذا كانت الاتفاقية تتعلق بحقوق السيادة التي ألزم الدستور باستفتاء الشعب عليها، تعد اللجنة تقريرًا ترفعه إلى رئيس مجلس النواب، توصي فيه بطلب دعوة الناخبين للاستفتاء على نصوص الاتفاقية وفي هذه الحالة لا يوافق البرلمان على الاتفاقية إلا بعد أن تكون نتيجة الاستفتاء بالموافقة.

الإجراء الثاني، بحسب أبوشقة، إذا رأت اللجنة أن الاتفاقية لا تخص عملًا من أعمال السيادة، وتتفق نصوصها مع نصوص الدستور، فتعد اللجنة تقريرًا بعدم مخالفة الاتفاقية لمواد الدستور، وترسله إلى رئيس البرلمان، والذي يقوم بدوره بعرض نتيجة التقرير على الجلسة العامة للنواب، ثم يحيله إلى اللجنة المختصة بمضمون الاتفاقية لتدرسه، وتعد تقريرًا بالرأي النهائي في الاتفاقية، يعرضه رئيس اللجنة على النواب ليصوتوا عليه.

الإجراء الأخير، إذا رأت اللجنة أن الاتفاقية تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وتعد اللجنة تقريرًا برفض إقرار الاتفاقية، وترسله إلى رئيس مجلس النواب ليعرضه على الجلسة العامة.

تعطي المادة 197 من اللائحة الداخلية للبرلمان، للنواب حق الموافقة أو رفض أو تأجيل نظر الاتفاقية لمدة لا تزيد عن 60 يومًا، بشرط أن يخطر البرلمان رئيس الجمهورية بنصوص الاتفاقية التي رفضها، أو الأسباب التي أجل الموافقة بسببها.

اعلان
 
 
أسمهان سليمان 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن