يحدث في مصر.. قتل على أساس اللون
جريمة قتل ترسم صورة عن العنصرية تجاه ذوي البشرة السوداء في مصر وتقصير المؤسسات.
 
 
 
قداس على روح قبريال في فبراير 2017
 

يوم الخميس، التاسع من فبراير الماضي، استيقظ قبريال توت وزوجته ماري، مهاجرين من جنوب السودان لجئا إلى مصر في 2005 ولديهما ثلاثة أبناء، مبكرًا وتوجها إلى عملهما في مدرسة بحي عين شمس تأسست عام 2007 لتعليم أبناء السودانيين والمهاجرين من جنوب السودان. انتهى اليوم الدراسي، لكن الزوجة عادت وحدها إلى المنزل بعد مقتل الزوج على يد شاب مصري في العقد الثالث يدعى عماد حمدي، ويملك محلًا لأدوات البناء بجوار المركز التعليمي.

بعد الاعتداء على الحارس، دخل عماد المدرسة، التي تخدم 200 طالب وتعمل تحت إشراف مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين ووزارتي التضامن الاجتماعي والتربية والتعليم المصريتين، وأخذ في توجيه السباب وأخذ في توجيه السباب لثلاثة من المدرسين من بينهم توت، قائلًا: «انتو حيوانات.. انتو أغبيا»، بحسب ماركو دينج، قس من جنوب السودان ومدير المدرسة. وأشار دينج إلى أن الشاب المصري وشخصًا آخر كانا معتادين على توجيه تعليقات مسيئة وتهديدات بالاعتداء لتخويف الأطفال أثناء خروجهم من المدرسة.

استنجد المدرسون بجار مصري كبير السن ليحاول تهدئة عماد، إلا أن القاتل تربص بالعاملين والمدرسين أمام المدرسة، وفور خروج توت ضربه على رأسه من الخلف بقضيب معدني، فأردته الضربة قتيلاً على الفور.

«كان المتهم يهين كل السودانيين في الحي. لقد كان القتل عمدًا، وتم دون شِجار. قال لي: أنا بأكره أي حد اسود»

لم يكن دينج متواجدًا بالمدرسة أثناء مقتل توت، ولكنه شاهد الحادث عبر مقطع فيديو سجلته كاميرا المراقبة، قبل تسليمه إلى النيابة. أُلقي القبض على عماد على الفور، واعترف بعد ذلك في تحقيقات النيابة بقتل توت عقب اقتحام المدرسة لاعتراضه على الضوضاء التي يحدثها الأطفال أمام محله.

في القداس الثالث لزوجها، ترتدي ماري توت ثياب حداد سوداء، وتتحدث بصعوبة أثناء المُقابلة. كانت أول من رأى جُثة توت على الأرض، حيث كانت في دورة المياه بالمدرسة وخرجت لتتبع زوجها.

ماري توت - صورة: Sabry Khaled

«قبريال رجل طيب. مات وهو يحتضن الكتاب المُقدس، ولم يكن يحمل ضغينة لقاتله. كنت أسير معه دائمًا، وإن كان ثمة مشكلة سابقة مع القاتل لعرفتها. لقد قتله بلا سبب، وقتل رجل طيب بلا سبب أمر غاية في الخطورة. الرب عظيم، أعرف أن الرب عظيم. لقد قُتل قبريال، وفي هذا الكفاية»، تقول ماري.

جريمة كراهية

«هناك مشكلة لدى القاتل وشخص آخر من المنطقة مع كل ذوي البشرة السوداء، لقد هدداني من قبل بمُسدس، وقاما بالاعتداء على معلم آخر بالمدرسة»، يقول دينج.

اقتصرت المشاكل في الشارع الذي تقع فيه المدرسة على هذين الرجلين فقط، بحسب دينج، لكن الأمور وصلت إلى حد سيء لدرجة أنه كان يخشى السير ليلًا في المنطقة.

يضيف دينج: «كان المتهم يهين كل السودانيين في الحي. لقد كان القتل عمدًا، وتم دون شِجار»، متذكرًا: «قال لي: أنا بأكره أي حد اسود».

«السلطات المصرية والمفوضية مسؤولة كذلك عن الجريمة. لقد دأب المتهم على مهاجمة المدرسة، وهناك تقارير بشأن ذلك. كان يجب على السلطات التدخل في وقت مبكر لمنع الجريمة»

«نخشى من اعتداءات مُستقبلية. اتصلتُ بالمعلمين لنفتح المدرسة [يوم 20 فبراير] ولم يحضر أي منهم. حضر بعض قيادات المنطقة وأعضاء مجلس الشعب عن دائرة عين شمس إلى المدرسة، ولكن لم تتواجد عناصر من الأمن، وكان علينا إغلاق المدرسة والعودة إلى منازلنا»، يقول دينج.

أعيد فتح المدرسة بعدها بأسبوع، يوم السابع والعشرين من فبراير الماضي، رغم كل المخاوف.

لكن العديد من الطلاب ما زالوا يعانون بسبب مشهد مقتل توت، بحسب دينج. يقول سايمون، 17 عامًا، طالب من جنوب السودان يقطن عين شمس منذ جاء إلى مصر قبل عامين، وكان توت يُدرس له اللغة الانجليزية، إن المُتهم كان يضايقه هو وزملاءه. تحدث والدموع تترقرق في عينيه عن عودته إلى المدرسة حين سمع بخبر الاعتداء على توت، ليجد فناء المدرسة خاويًا، ليس فيه سوى دم معلمه. هرع سايمون ساعتها إلى المستشفى، حيث علم بوفاة توت.

سايمون - صورة: Sabry Khaled

«لدينا خوف من العودة إلى المدرسة ثانية، ولكنني سأعود إن فتحوها مرة أخرى. لا يزال خط الأستاذ توت على السبورة منذ آخر حصة لغة انجليزية»، يقول سايمون.

«كل الدلائل في هذه القضية، ترجح أن قتل توت كان جريمة كراهية»، بحسب  محمد الكاشف، الباحث في حقوق اللاجئين وحركات الهجرة في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

ويضيف: «السلطات المصرية والمفوضية مسؤولة كذلك عن الجريمة. لقد دأب المتهم على مهاجمة المدرسة، وهناك بلاغات بشأن ذلك. كان يجب على السلطات التدخل في وقت مبكر لمنع الجريمة».

وكلت المفوضية وسفارة جنوب السودان محامين لمتابعة القضية، ولكن الجهتين رفضتا التعليق على مقتل توت، وأوضاع المهاجرين السودانيين والأفارقة في مصر.

كان النائب ثروت بخيت، أحد البرلمانيين الثلاثة الذين زاروا المدرسة عقب مقتل توت. ورغم اعترافه بأنها جريمة قتل عمد، فقد تردد في اعتبار دوافعها عنصرية. وبدلًا من ذلك، رأى أن سبب الحادث هو الضوضاء التي تصدر عن المدرسة، مشيرًا إلى أن منطقة عين شمس عشوائية، ويتسم بعض مواطنيها بالروح العدائية.

«حاولنا جمع قيادات المنطقة لحل أزمة المدرسة المغلقة، ولكنهم خائفون. وجودي في المدرسة يعني منع أي اعتداءات مستقبلية»، يقول بخيت، مشيرًا إلى أن قوات الأمن لم تتأخر عن الحضور، لكنه هو من اتصل بمأمور قسم عين شمس وأخبره بعدم ضرورة إرسال ضباط شرطة إلى المدرسة.

مصريون عنصريون ضد السود

تجمعت طائفة النوير، التي ينتمي إليها توت، في الكنيسة الإنجيلية بعين شمس يوم 20 فبراير، لإقامة الصلاة الثالثة على روح توت بعد وفاته بعشرة أيام. كانت حجرة الكنيسة تفيض بالغضب والحزن. تحدث أقارب توت وقيادات طائفته والقساوسة المصريون عن شعبيته وأخلاقه وحب الناس له وكرمه في التطوع لتعليم الأطفال. وأكد القساوسة المصريون على أن الكنيسة ستظل مكانًا يلجأ إليه السودانيون في منطقة عين شمس.

يرى العديد من المهاجرين أن سبب ما تعرض له توت كونه أسود البشرة ومن السودان. لقد اعتادوا هذا النوع من التمييز ضدهم، رغم أن الهجمات التي تعرضوا لها في الماضي لم تكن قاتلة.

«يقولون لي: يا زنجي، إحنا زهقنا منكم يا بهايم، ويستخدمون تعبير هونجا هونجا، والذي لا أفهم معناه حتى الآن. ويبصقون عليّ أثناء سيري».

وصل مايكل موزيس ماين إلى مصر عام 2002، ويحمل الآن بطاقة لاجئ من مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، المعروفة باسم «البطاقة الزرقاء» التي تمنح بموجبها المفوضية حق اللجوء، وهو أحد أقارب توت وأحد قيادات مُجتمع اللاجئين من جنوب السودان. كانت مصر، بالنسبة لماين وغيره، مجرد محطة عبور، ولكن بعد توقف عمليات إعادة التوطين، ينتظر الكثير منهم إعادة تقييم أوضاعهم.

يقول ماين: «هذا ليس الحادث الأول، ونساؤنا عرضة للتحرش والاعتداء الجنسي، وأولادنا يتعرضون للاختطاف، ونحن نتعرض لاعتداءات لفظية وبدنية. تقدمنا بالعديد من البلاغات إلى الشرطة، ولكنها لم تُنظر. وبعد كل هذا تتفاجأ الحكومة لمقتل رجل محترم».

عقب وصوله إلى مصر بوقت قصير، ذهب ماين إلى طبيب نفسي، ونصحه الطبيب بكتابة يومياته وتوثيق ما يتعرض له من انتهاكات. يتذكر ماين: «لا يمر يوم واحد دون اعتداء لفظي في الشارع، وبدون سبب. يقولون لي: يا زنجي، إحنا زهقنا منكم يا بهايم»، ويستخدمون تعبير «هونجا هونجا»، والذي لا أفهم معناه حتى الآن. ويبصقون عليّ أثناء سيري. وحدث ذات مرة أن كنت أرتدي بذلة، فقطعها أحدهم بشفرة موسى».

«تعرض الكثير من السودانيين لاعتداءات يوم المباراة النهائية لبطولة الأمم الأفريقية، فقط لأن بشرتهم سوداء. جميع الأفارقة متساوون بالنسبة للمصريين. لا يمكنهم التفريق بين السوداني والأثيوبي والصومالي»، يقول ماين.

جاكوب، مهاجر آخر من جنوب السودان، يعيش في مصر في منطقة المعادي منذ 17 عامًا. يتحدث اللغة النورية ولا يتحدث العربية، ويعرج بإحدى ساقيه نتيجة إصابته عام 2008 في اعتداء لأسباب عنصرية.

«هاجمني بعض الشباب المصريين في ميكروباص. ادعوا أنهم رجال شرطة وسألوني عن جواز سفري»، يحكي جاكوب لـ«مدى مصر» عبر مترجم، ويتابع: «سرق ثلاثة منهم نقودي، وضربوني على رأسي وطعنوني في جنبي ويدي وساقي اليمنى فمزقوا أحد أوتار الساق. لم أعد أستطيع السير بطريقة طبيعية. وحين ذهبت إلى قسم الشرطة بعد ذلك، وجدت أن الشرطة ألقت القبض على المعتدين. وأثناء خروجي، اعتدى عليّ أهالي المعتدين مرة أخرى».

يقول الكاشف إنه تابع مقتل سيدة سودانية العام الماضي، كانت تعمل خادمة؛ ألقاها أصحاب المنزل من الشرفة بعد اتهامها بالسرقة، وزعموا أنها انتحرت، حسبما أكد ماين، الذي يوثق هذه الحالات أيضا. وتابع الكاشف كذلك حالة رجل أثيوبي أشعل النار في جسده أمام مقر المفوضية، لأنهم رفضوا قبول شكواه ضد مدرسة مصرية خاصة، ويقول ماين إن الرجل كان يعتقد أن كُلية ابنه قد سُرقت في المدرسة.

صورة: Sabry Khaled

وثق الكاشف أشكالًا أخرى من العنف ضد ذوي البشرة السوداء، من بينها حالتأ اغتصاب للاجئتين من السودان. ويقول الكاشف إن سيدة سودانية اغتصب وأُصيبت إصابات بالغة منذ ثلاثة أعوام على يد مجموعة من الرجال المصريين اقتحموا منزلها؛ وأعيد توطينها في بلد ثالث في أغسطس الماضي.

في أكتوبر 2016، وثقت المفوضية 70 ألف لاجئ أفريقي في مصر. وكانت قد سجلت في أغسطس 2016،  31 ألف لاجئا سودانيًا، وستة آلاف من جنوب السودان. وتعتبر المفوضية مصر دولة مضيفة ودولة توطين كذلك بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين.

«نحن نعلم أن كل المصريين لا يعاملوننا على هذا النحو السيئ، وكل ما نريد هو أن يعلموا أننا بشر مثلهم. لقد مات قبريال، ولكننا في حاجة إلى منع حدوث ذلك مرة أخرى»

في ظل غياب نظام لجوء في مصر، تقوم المفوضية بكل ما يتعلق بالتسجيل والتوثيق والبت في حالات اللجوء وتقديم المساعدة لهم وفق شروط اتفاقية إطارية تم التوقيع عليها مع الحكومة المصرية عام 1954.

ويقول إبراهيم عوض، رئيس مركز دراسات الهجرة واللاجئين في الجامعة الأمريكية بالقاهرة والمدير السابق لبرنامج الهجرة الدولية في منظمة العمل الدولية، إن بعض المشاكل تركز على تعريفات مؤسسية متباينة، موضحًا أن دول أوروبا تعتبر مصر دولة عبور، ولكن واقع الأمر هو أن مصر دولة مستقبلة للاجئين، وطالما كفلت الدساتير المصرية حق اللجوء للأجانب.

«يأتي اللاجئون إلى هنا على أمل الالتحاق ببرامج إعادة التوطين التي ستنقلهم إلى دولة تتمتع بظروف معيشية أفضل، ولكنهم يأتون ويمكثون هنا وينتظرون ربما عشر سنوات، ولا يُعاد توطينهم. لذا يظلون هنا في ظروف صعبة للغاية، ويعيشون في فقر، لأنهم يفتقرون إلى أي نوع من الدخل»، يقول عوض.

وتعمل المفوضية مع مجموعة كبيرة من المؤسسات الشريكة لضمان توفير الخدمات للاجئين، ومن بينها منظمة خدمات الإغاثة الكاثوليكية، ومنظمة إنقاذ الطفولة، وأطباء بلا حدود، ومنظمة كاريتاس مصر، ومنظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى منظمات محلية غير حكومية مثل الهلال الأحمر، وتضامن، والمؤسسة المصرية لحقوق اللاجئين. ورغم هذا، يقول عدد كبير ممن يحملون صفة لاجئ، ولديهم الحق في الحصول على هذه الخدمات، أنهم لا يحصلون على ما يكفي من الدعم.

ويرى بخيت أن قتل توت حادثة فريدة من نوعها، ولكنه يعتقد أن هذا العنف أصبح سمة طبيعية من سمات المجتمع بعد يناير 2011. ويرى عضو البرلمان أن الثورة جعلت المصريين أكثر عدائية، وميلًا لاستخدام العنف والسخرية من الفقراء والمعاقين والبدناء. ومع ذلك، يقول بخيت أن المصريين في عين شمس ينظرون إلى جيرانهم السودانيين كإخوة.

«رأيت مخيمات اللاجئين في ألمانيا، حيث لا يسمح للاجئين بالخروج. الوضع هنا مختلف، إنهم يعيشون بيننا ويتحركون بحرية»، يقول بخيت.

عنصرية السلطة

في معرض حديثهم عن مظاهر العنصرية ضدهم، تذكر بعض حضور القداس في حوارهم مع «مدى مصر» مأساة فض قوات الأمن المصرية العنيف لاعتصام عشرات السودانيين أمام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في العام 2005 للضغط من أجل تسريع إعادة توطينهم. قالت التقديرات الرسمية إن 27 قتلوا نتيجة هذا الفض، بينما أشارت تقديرات حقوقية آنذاك إلى أن أكثر من سبعين سوداني قتلوا، إضافة إلى عشرات الجرحى.

يُلقي ماين باللوم على الحكومة المصرية والمنظمات الدولية، وعلى وجه التحديد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمؤسسات التابعة لها، لإخفاقها في حماية السودانيين.

«قرار مصر بعدم السماح للاجئين بدخول سوق العمل خوفًا من الآثار السلبية، ليس في محله»

وأضاف: «لا تعرف السلطات المصرية ما يحدث لنا في المناطق التي نعيش فيها. لقد جئنا إلى هنا هربًا من الحرب. لقد تمزق وطننا، ولم نترك مزارعنا ووظائفنا لنعيش غرباء في بلد آخر باختيارنا. نحن نعلم أن ليس كل المصريين سيئين، وكل ما نريد هو أن يعلموا أننا بشر مثلهم. لقد مات قبريال، ولكننا في حاجة إلى منع حدوث ذلك مرة أخرى».

اجتاحت الحرب الأهلية دولة جنوب السودان عقب قيام رئيس جنوب السودان سلفا كير بإقالة نائب الرئيس السابق ريك مشار، ما اعتبر توطيدًا لسلطته. ويقود مشار الحركة الشعبية لتحرير السودان المعارضة حاليًا، عقب اتهامه من جانب كير بتدبير انقلاب على السلطة. ولقي أكثر من عشرة آلاف شخص مصرعهم ونزح أكثر من مليوني شخص نتيجة المعارك التي نشبت بين الطرفين، وفر أغلب اللاجئين إلى دول الجوار مثل أوغندا وأثيوبيا وكينيا والسودان.

وقع كير ومشار اتفاقًا لوقف إطلاق النار في يوليو 2016، بعد أربعة أيام من القتال نجم عنها مقتل 300 شخصًا على الأقل.  

«التمييز يحدث في جميع أنحاء العالم، ولكن المختلف هنا هو عدم السماح لنا بالاندماج، حتى بعد مرور أكثر من عشر سنوات. نحن لسنا عبئًا، لأننا نساهم في الاقتصاد المصري بالتحويلات المالية التي نحصل عليها من أقاربنا في الخارج»، يقول ماين.

يعتقد الكاشف أن المشاكل ذات طابع هيكلي. لقد كانت مصر من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، ولكنها فرضت قيودًا على قدرات اللاجئين على الحصول على فرص العمل والخدمات العامة، ومن بينها التعليم والرعاية الصحية، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الجنسية المصرية. واستثني من ذلك اللاجئون الفلسطينيون والسودانيون، ولكن بالنسبة للتعليم الأساسي فقط. مع ذلك، حصل اللاجئون السوريون على نصيب أكبر، بالسماح لهم بالحصول على التعلیم العالي.

تشير المفوضية أن الدعم المالي المقدم للأسر اللاجئة لا يغطي أكثر من 50% من احتياجات اللاجئين الأساسية، ما يجعل عددًا كبير منهم يعيش في فقر.

صورة: Sabry Khaled

«وقعت هذه الاتفاقية ووافقت عليها مصر في سياق مختلف تمامًا. كان ذلك عقب الحرب العالمية الثانية، وكان المقصود بها هم لاجئو أوروبا. وكانت مصر إحدى الدول القليلة في الشرق الأوسط التي وافقت على الاتفاقية وبروتوكولها في عام 1967»، يقول عوض.

وأضاف عوض أن قرار مصر بعدم السماح للاجئين بدخول سوق العمل خوفًا من الآثار السلبية، ليس في محله. فعدد اللاجئين ليس كبيرًا لدرجة تؤثر على سوق العمل، وحالياً لا يمكنهم العمل إلا في القطاع غير الرسمي، حيث يحصلون على أجر أقل ويواجهون ظروف عمل أكثر قسوة من معظم المصريين.

ويشير كل من الكاشف وعوض إلى سيادة سمات قوية للعنصرية ضد ذوي البشرة السوداء في المجتمع المصري، والتي تعززها الممارسات التمييزية للحكومة المصرية. ويعتبر عوض أن التمييز ضد ذوي البشرة السوداء يختلف عن كراهية الأجانب أو المنافسة في سوق العمل.

ويقول الكاشف: «يجب البحث عن حل. يجب على الدولة مراجعة تحفظاتها على اتفاقية عام 1951، والسماح للاجئين بالعمل والاندماج في المجتمع المصري، وليس بالضرورة خلق فرص عمل لهم».

«يجب تعديل الاتفاقية لتوفير المزيد من الحماية للاجئين، ولكن هذا أمر غير وارد. في الواقع، إن تم التفاوض بشأن التحفظات، سوف يتفاقم الوضع، نظرًا لانتشار نزعات قومية معادية للأجانب ومناهضة للاجئين في العالم أجمع»، يقول عوض.

ويمكن اتخاذ المزيد من التدابير المحلية، وفقا لما ذكره الكاشف، ويشمل هذا إصدار قوانين إجرائية للتعامل مع اللاجئين، بالإضافة إلى حملات توعية مناهضة للتمييز عبر وسائل الإعلام والمجتمع المدني. وأشار الكاشف كذلك إلى أهمية سن تشريع مناهض للتمييز، من شأنه توفير حماية حقيقية للاجئين.

ترجمة: نصر عبد الرحمن

تم تحديث وتصويب هذا المحتوى في 24 مارس 2016. 

اعلان
 
 
هدير المهدوي 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن