بعد شهرين من زيادة أسعار الدواء.. ارتفاع عدد الأدوية الناقصة

كشفت النشرة الشهرية للأدوية الناقصة لشهر فبراير، والتي تصدرها وزارة الصحة، عن ارتفاع عدد نواقص الأدوية في الأسواق، على الرغم من مرور شهرين على قرار وزير الصحة أحمد عماد الدين السابق، في يناير الماضي، برفع أسعار 3010 أصناف من الأدوية، وهي الخطوة التي وصفها الوزير وقتها بالضرورية؛ للسيطرة على أزمتي نقص الدواء وتسعيره بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي.

وطبقًا للنشرة الصادرة من إدارة الدعم ونواقص الأدوية التابعة للإدارة المركزية للشؤون الصيدلية، فإن الأصناف التي لا يوجد لها بديل ارتفعت إلى 42 صنفًا بالمقارنة بنشرة شهر يناير التي ورد فيها 38 صنفًا، فيما ارتفعت الأصناف الناقصة التي لها بديل من 260 صنفًا في يناير إلى 282 في فبراير. وأوضحت القائمة، التي حصل «مدى مصر» على نسخة منها، أنه تم توفير 322 صنفًا من نواقص الأدوية في الأسواق، مقارنة بـ 313 صنفًا الشهر الماضي، إلا أن النشرة نوهت إلى أن «تلك المستحضرات قد لا تكون متوفرة بكميات كبيرة نظرًا لنقصها لفترة طويلة وتعطش السوق لها».

«الأزمة ليست مرتبطة بالتهريب أو بتخزين الأدوية، خاصة وأن عملية إنتاج الدواء وتوزيعها هي عملية محكمة للغاية»

من جانبها، أرجعت رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية، أسباب استمرار أزمة نقص الدواء لتهريب الأدوية، والتي يتم تخزينها حاليًا في شقق سكنية بعيدًا عن الصيدليات ومخازن الأدوية، حسبما صرحت لـ«المصري اليوم»، مضيفة أن «كثرة الحديث عن نواقص الأدوية هو ما دفع البعض لتخزين الأدوية لبيعها لاحقًا بأسعار مرتفعة». وأوضحت أن أدوية منع الحمل هي أكثر أصناف الأدوية التي تم ضبطها مع المهربين خلال حملات شنها مسئولو هيئة التفتيش الصيدلي. فيما لم توضح ما إذا كان التهريب يتم من خلال شركات الإنتاج، أو الموزعين أو الصيادلة أنفسهم. ولم تكن زيادة متاحة للرد على أسئلة «مدى مصر» في هذا الشأن.

إلا أن الصيدلي محمد عثمان يرى أن الأزمة ليست مرتبطة بالتهريب أو بتخزين الأدوية، خاصة وأن عملية إنتاج الدواء وتوزيعها هي عملية محكمة للغاية، مضيفًا: «الوزارة على علم بكل ما يتم إنتاجه من أصناف الدواء، حيث يتم تسجيل كل صنف بحسب الشركة المصنعة له، وتبدأ بعد ذلك الوزارة في تتبع عملية توزيع الدواء التي تقوم بها مجموعة محدودة جدًا من الشركات عددها قرابة السبع شركات. ويتوجب على كل شركة أن تسجل كمية الأدوية الموزعة وخريطة توزيعها على كل الصيدليات. وتنطبق نفس العملية على الأدوية المستوردة. وبالتالي لو هناك تهريب بالفعل فوسائل السيطرة عليه معروفة، ولا يمكن أن تنتج عنه أزمة نقص الدواء المستمرة منذ شهور».

ويضيف عثمان أن الأزمة تتعلق في الأساس بالإنتاج، خاصة مع رفع أسعار الدواء، حيث أدى قرار الوزير إلى تغيير أولويات الإنتاج لدى الشركات، حيث تنتج فقط الأصناف التي ستحقق لها أرباحًا، حتى لو أدى ذلك إلى نقص الكثير من الأدوية التي يحتاجها المرضى ولا تحقق مبيعات كافية للشركات.

وكان عماد الدين قد أعلن أن زيادة أسعار الدواء شملت 3010 أصناف من أصل 12400 صنف متداول في الأسواق المصرية. وقُسمت المستحضرات المحلية إلى ثلاث شرائح، الأولى للأدوية ذات أسعار أقل من 50 جنيه، وزادت أسعارها بنسبة 50% من الزيادة في سعر الصرف (ارتفع سعر الصرف أمام الدولار رسميًا من 8.8 إلى حوالي 18.5 جنيهًا وقت صدور القرار).

أما الأدوية التي تتراوح أسعارها بين 50 و100 جنيه؛ فزادت أسعارها بنسبة 40% من زيادة سعر الصرف. أما الأدوية التي تزيد أسعارها عن 100 جنيه؛ فارتفعت بنسبة 30%. وفيما يتعلق بالمستحضرات المستوردة، حدد القرار الصادر عن رئيس الوزراء وأعلنه وزير الصحة أن المُسَعَّر منها بأقل من 50 جنيه ستزداد أسعاره بنسبة 50%، وما يتجاوز سعره 50 جنيه، سيزداد سعره بنسبة 40%. وتعتبر هذه هي الزيادة الثانية لأسعار الدواء، حيث أعلنت وزارة الصحة زيادة أسعار الأدوية أقل من 30 جنيهًا بنسبة 20% في شهر مايو الماضي.

«أزمة نقص الدواء تعود للتهريب والإنتاج على حد سواء»

يقول عثمان إن وزارة الصحة وعدت بعد قرار زيادة الأسعار في مايو الماضي بتوفير النواقص، «حيث أعطت المنتجين مهلة ثلاثة أشهر لتوفير الأصناف غير المتواجدة بالأسواق، وهدد بعدها الوزير بسحب تراخيص الشركات في حال عدم إنتاج الأدوية الناقصة، وهو ما لم يحدث، تقريبًا فإن قائمة الأدوية الناقصة لم تتغير منذ بدء الأزمة».

وكانت أزمة الأدوية الناقصة إحدى أهم المخاوف التي عبر عنها معارضو قرار الوزارة برفع أسعار الدواء، حيث قال محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء في تصريحات سابقة لـ«مدى مصر» إن الشركات ستكتفي فقط بإنتاج الأدوية التي ارتفع سعرها، وهو ما سيؤدي لرفع أسعار الأدوية التي لم تلحقها الزيادة، الأمر الذي يحمل عواقب وخيمة على حق المواطنين في الحصول على الدواء. ونوه فؤاد في تصريحات صحفية عن أزمة محتملة في توافر أدوية الأورام التي تستوردها الشركة المصرية لتجارة الأدوية، التي توقفت مفاوضاتها مع شركات الأدوية الأجنبية الراغبة في رفع أسعار الأصناف التي تصدرها لمصر.

ويقول علاء غنام، مسؤول وحدة الحق في الصحة بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لـ«مدى مصر» إن أزمة نقص الدواء تعود للتهريب والإنتاج على حد سواء، فبالرغم من عملية إنتاج الدواء من المفترض انضباطها، إلا أن ما أسماه غياب الرقابة من قبل الوزارة يؤدي إلى عشوائية شديدة، خاصة وأن الحكومة غير متحكمة في عملية الإنتاج.

ويضيف غنام: «لا توجد أي سياسات دوائية مستقرة، فالحكومة واقعة تحت سلطة الاحتكارات الدولية لصناعة الدواء منذ أربعين عامًا، فلا يوجد إنتاج وطني لسلعة استراتيجية هامة مثل الدواء بنسبة 100%. هذا يعني أن الإنتاج يسيطر عليه الشركات الخاصة التي تهتم بالربحية».

اعلان

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن