تسعير الدواء: أزمة مصر التي لا تداويها القرارات المسكنة
 
 

مع اقتراب مجلس الوزراء من إقرار زيادة أسعار الأدوية التي اتفق عليها وزير الصحة أحمد عماد الدين راضي، مع منتجي الدواء، يبدو أن الأزمة بين الطرفين في طريقها للحل بعد أسابيع من الشد والجذب، غير أن أطرافًا أخرى في ملف الدواء طالبت بعدم تفعيل الاتفاق الأخير، ليستمر الجدل المستمر منذ عقود في ملف الدواء.

وتضمن الاتفاق زيادة 15% من الأدوية المحلية لكل شركة بحد أدنى 5 مستحضرات، على أن تزيد الأدوية الأقل من 50 جنيها بنسبة 50% من فرق سعر العملة، والأدوية من 50 وحتى 100 جنيه، بنسبة 40%، والأدوية فوق الـ 100 جنيه بنسبة 30%، فيما تزيد الأدوية المستوردة لكل شركة بنسبة 20% بحد أدنى 5 مستحضرات، وتزيد الأدوية الأقل من 50 جنيهًا بنسبة 50% والأدوية فوق الـ 50 جنيهًا بنسبة %40، حسبما نقلت جريدة اليوم السابع.

غير أن نقابة الصيادلة أرسلت خطابًا  إلى رئيس الجمهورية لمطالبته بمنع زيادة أسعار الدواء، وقالت في بيانها إنها طالبت الرئيس بتشكيل لجنة تحت إشرافه، تضم جميع الأطراف المعنية بصناعة الدواء في مصر، والمتخصصين في عملية تسعير الدواء «لعمل الدراسات ووضع المقترحات والرؤى حول إمكانية تحريك أسعار الأدوية للمرة الثانية في عام واحد».

وفي حالة موافقة الحكومة على بنود الاتفاق الأخير، سيعد هذا تراجعًا عن تصريحات وزير الصحة، الذي أكد في نوفمبر الماضي أنه لا زيادة في أسعار الدواء بعد قرار تعويم الجنيه، وأوضح أنه «لا يمكن مطلقاً تحرير أسعار الدواء نتيجة تعويم العملة، وهذا مرفوض تماماً»، مضيفًا أن «الحكومة ما بتتهددش خالص»، وهو ما أعاد التأكيد عليه مطلع الشهر الجاري، قائلًا إن الوزارة لن ترفع أسعار الدواء، قبل استقرار سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، مضيفًا: «الشركات تحقق هوامش أرباح غير قليلة، وأنها حققت مكاسب كبيرة الفترة الماضية، وحان الوقت للوقوف بجانب الدولة».

قبل أن يبدأ الوزير في إبداء تنازلات تفاوضية في منتصف الشهر الجاري، حين خاطب شركات الأدوية، لمطالبتها بتقديم قوائم الأدوية الخاصة بها، لتحريك أسعارها، بواقع 15% من حصيلة الأدوية المستوردة، و100% من حصيلة إنتاج الشركات من الأدوية المحلية، وهو ما رفضته وقتها شركات الأدوية داعية لاجتماع عاجل.

وفي حين يأتي هذا الاتفاق كنهاية لأسابيع من الفشل في الوصول لاتفاق بين الوزارة ومصنعي الدواء، إلا أن اعتراض نقابة الصيادلة عليه يثير شكوكًا حول نهاية أزمة عدم توفر الدواء والزيادة في سعر بعض الأصناف المتوافرة، كما أنه يثير تساؤلات حول أسباب تراجع موقف الحكومة، ممثلة في وزارة الصحة، وامتثالها لطلبات الشركات.

أمين عام نقابة الصيادلة، أحمد فاروق، يقول لـ «مدى مصر» إن ما يغل يد الحكومة في هذا السياق هو ضآلة نصيب قطاع الأعمال العام من سوق الدواء الذي لا يتجاوز حاليا 4% فقط من حجم مبيعات الدواء. أما محيي حافظ، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الدواء ورئيس لجنة الصحة والدواء في اتحاد المستثمرين ووكيل المجلس التصديري للدواء، فيقول إن القطاع الخاص الأجنبي يمثل 59.9% من مبيعات الدواء في مصر، بينما يمثل القطاع الخاص المصري النسبة الباقية.

فيما يوضح رؤوف حامد، أستاذ علم الأدوية في الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، لـ «مدى مصر» أن شركة النصر للكيماويات الدوائية -المملوكة بالكامل للدولة- ظلت حتى نهاية الثمانينيات تنتج نحو 15% من مدخلات الإنتاج والخامات الضرورية لإنتاج الدواء في مصر، قائلًا إن القانون كان يجبر منتجي الدواء في مصر على شراء هذه الخامات من الشركة واستيراد ما لا تنتجه فقط، و«بحلول نهاية الثمانينيات كانت الشركة تتأهب بالفعل لزيادة إنتاجها ونصيبها من السوق، عبر عقد اتفاقات مع عدد من الجامعات المصرية لتطوير البحث العلمي في مجال الخامات الدوائية، لكن الحكومة ألغت تلك القواعد القانونية التي كانت تجبر الشركات على شراء الخامات من شركة النصر، وهو ما جاء متزامنا مع صدور قانون قطاع الأعمال العام ونقل تبعية الشركة من وزارة الصحة إلى وزارة قطاع الأعمال العام».

من جهته، يؤكد عمرو عبد العاطي، عضو مجلس إدارة شركة النصر للكيماويات الدوائية، أن «نشاط الشركة الأساسي في إنتاج الخامات الدوائية وعلى رأسها الأمبسيلين والأموكسيلين والريفامبسين وكلوراميفينيكول متوقف عن العمل بالكامل منذ نقل تبعية الشركة لوزارة قطاع الأعمال العام».

غير أنه، وبعيدًا عن حجم إسهام الشركات المملوكة للدولة في إنتاج المستحضرات الدوائية، تبقى مشكلة تسعير الدواء إحدى المشكلات المزمنة في مصر على مدار عقود، وهو ما تعكسه القرارات الخاصة بالتسعير.

تاريخ من القرارات والاعتراضات

ظلت مصر لسنوات طويلة تعتمد على نظام للتسعير الإجباري للأدوية، عبر لجنة تعيّنها وزارة الصحة، تقوم بالتسعير معتمدة على «حساب التكلفة زائد الأرباح»، وفقًا للقرار الوزاري رقم 314 لسنة 1991، والذي يحسب الدواء بموجبه على قاعدة تكاليف الإنتاج مضافًا إليها هامش ربح للصناعة والموزعين والصيادلة.

وفي ديسمبر 2009 أصدر وزير الصحة القرار رقم 373، والذي اعتمد على نظام جديد في التسعير، قبل أن يتم إلغاءه بعد ثلاثة أعوام، بصدور القرار 499 لسنة 2012، وهو نظام التسعير الحالي، والذي تشابه مع القرار الملغي في المضمون والخطوط العامة لطريقة التسعير، التي تعتمد على نظام المرجعية الخاريجة للتسعير، وهي الاستناد إلى أسعار الدواء في دول أخرى من أجل تحديد سعره محليًا، أو التفاوض عليه.

كانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد أقامت دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري لوقف تنفيذ القرار 373 لسنة 2009، الذي قدرت أنه سيؤدي لارتفاع أسعار الدواء، واعتبرت أن تبني الدولة لمثل هذا النظام بمثابة تنصل من التزاماتها تجاه مواطنيها، وأنها ترفع يدها عن عملية تسعير الدواء وتتركه لقوى السوق العالمي، وهي الدعوى التي قضت المحكمة بناء عليها بوقف القرار، قبل أن تستأنف وزارة الصحة الحكم، لتحصل على حكم بتنفيذه لدواعٍ إجرائية، دون أن يتم الحكم في مضمون القرار حتى 2012 حين أصدرت الوزارة القرار 499، والذي طعنت غرفة صناعة الأدوية وجمعية المنتجين المصريين للأدوية أمام محكمة القضاء الإداري لوقف تنفيذه، غير أن المحكمة رفضت الطعن في فبراير 2013.

الدول الـ 36 المرجعية في التسعير: السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، الكويت، عمان، المغرب، إيران، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا، إسبانيا، أستراليا، الأرجنتين، البحرين، بلجيكا، كندا، قبرص، الدانمارك، فنلندا، اليونان، هولندا، المجر، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، النرويج، البرتغال، السويد، تركيا، بولندا.

وفي أبريل 2013 أصدرت المبادرة المصرية ورقة بخصوص القرار 499، اعتبرت فيها أن «تطبيقه بشكل جيد يواجه تعقيدات عدة، منها اختيار حزمة الدول المرجعية التي سيتم الاستعانة بسعر الدواء بها، وتحديد عددها، فمثلًا اعتمدت الدول الأوروبية التي طبقت هذا النظام على التشابه الاقتصادي والقرب الجغرافي، إلا أنه عند النظر إلى حزمة الدول المدرجة في قرار وزير الصحة المصري نجد أنها -في معظمها- لا تتشابه اقتصاديًا مع مصر، وبعضها معروف بارتفاع سعر الدواء، أو بمنح المرضى تعويضات عن الإنفاق الدوائي من خلال أنظمة التأمين الصحي بها. ولذلك فإن ربط سعر الدواء في مصر بسعره في تلك الدول يعد ظلمًا للمريض المصري».

نظام التسعير الحالي

يستند النظام الحالي للتسعير إلى أسعار بيع الدواء للجمهور في 36 دولة مرجعية، يسترشد بها لتحديد سعر بيع الدواء محليًا. ويتحدد سعر بيع المستحضر الأصلي بناء على أقل سعر بيع للجمهور في قائمة الدول الاسترشادية، فيما يتم تحديد أسعار المستحضرات المثيلة بحيث يتراوح سعر بيعها للجمهور بين 60% إلى 65% من سعر بيع الدواء الأصلي. وتحصل أول خمس شركات تتقدم لتسجيل الدواء المثيل على سعر يبلغ 65% من سعر الدواء الأصلي، بينما تحصل الشركات الخمسة الأخرى على سعر يبلغ 60% من سعر الدواء الأصلي.

ورغم أن النظام الحالي للتسعير معمول به منذ قرابة أربعة أعوام، إلا أن جهاز حماية المنافسة، وتزامنًا مع الأزمة الأخيرة، بعث بخطاب لوزارة الصحة، كان من بين ما ذكره فيه جزء يتعلق بما تضمنه القرار 499 من التسعير على أساس أسبقية تقديم الطلب، وهو ما وصفه الجهاز بأنه «يعكس التفرقة بين الشركات المنتجة في التسعير دون النظر لأي عوامل أخرى، الأمر الذي يعد إخلالًا بمبدأ تكافؤ الفرص والمنافسة الحرة بين العاملين في ذات السوق».

المستحضر الأصلي: المستحضر الذي يحتوي على مادة فعالة جديدة، أو ابتكار جديد. ويظل إنتاجه حكرًا على الشركة المنتجة له لمدة 20 عامًا، هي فترة الحماية بحقوق الملكية الفكرية.

المستحضر المثيل: كل مستحضر مثيل للمادة الفعالة الموجودة في المنتج الأصلي، ويسمح بإنتاجه بعد انتهاء فترة حماية المادة الأصلية بحقوق الملكية الفكرية.

من جانبه، يقارن عضو غرفة صناعة الأدوية، محمد غنيم، بين تفاصيل نظامي التسعير، الحالي والسابق، ويقول لـ «مدى مصر»: «كان النظام السابق يقوم على قائمة التكاليف التي تتقدم بها الشركة لوزارة الصحة، وبناء عليه تجرى مفاوضات حول مدى صحة هذه القائمة وحول هامش الربح، فضلًا عن تخصيص نسبة 20% من السعر للصيادلة و7% للموزعين. أما النظام الجديد فرفع النسبة المخصصة للصيادلة تدريجيًا لتصل إلى 25% في العام الحالي، وكذلك رفع النسبة المخصصة للموزعين لتصل إلى 8.8%». فيما يوضح أن النظام الجديد أتاح إعادة النظر في أسعار الدواء في حال شهد الجنيه تراجعًا بنسبة 15% مقابل الدولار خلال سنة متصلة.

غير أن غنيم يعود ليقول إن النظام الجديد لم ينفذ فعليًا، موضحا أن «التسعير قائم فعليًا على قرارات عشوائية من لجنة التسعير في الإدارة المركزية للشئون الصيدلانية في وزارة الصحة»، مضيفًا: «أسعار الأدوية الأصلية عالية جدًا، وبالتالي لا مانع لدى شركات الدواء من الحصول على أسعار تتراوح بين 60 إلى 65% من تلك الأسعار حتى لو تراجع سعر الجنيه بشدة، فتلك الأسعار كفيلة بتغطية تكاليف الشركات وتحقيق أرباح جيدة، لكن القرار لا ينفذ».

ويستكمل غنيم: «يفترض وفقًا لهذا النظام تراجع أسعار الأدوية الأصلية أيضًا، مع انتهاء فترة الملكية الفكرية، وهو ما لم يحدث على الإطلاق. لم يحدث أن أقدمت وزارة الصحة على خفض أسعار الأدوية الأصلية».

ويقول: «تحريك أسعار الدواء بناء على تراجع سعر الجنيه في مايو الماضي تم على نحو عشوائي، لم يتضمن فحص اختلاف الأعباء بين الشركات كل على حدة، فشمل 7000 صنف من الدواء بناء على معيار واحد هو أن يقل سعرها الأصلي عن 30 جنيه وتضمن القرار رفع الأسعار بنسبة واحدة هي 20% بحد أدنى 2 جنيه»، مضيفًا: «شملت الزيادة بعض الأصناف التي لا تشهد خسائر أصلا، ومن ضمنها أصناف تتوفر للصيدليات بعروض خاصة تبلغ 100% على المشتريات».

كان وزير الصحة أحمد عماد الدين راضي قد أصدر في مايو الماضي قرارًا بزيادة أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهًا، بنسبة 20%، وهو القرار الذي وصفه وقتها بأنه «جاء لمصلحة المريض بالدرجة الأولى، لضمان توفير الأدوية ذات السعر المنخفض فى مقابل عدم اللجوء إلى البديل المستورد بأسعار باهظة، كما جاء لإنقاذ الصناعة القومية للأدوية من الانهيار بسبب فرق سعر التكلفة عن سعر البيع».

قبل أن يعود الوزير بعد أسبوعين من هذا القرار ليقول إن مجلس الوزراء وافق على إضافة فقرة جديدة لقرار رفع أسعار الدواء، تُلزم الشركات والصيدليات بحد أقصى للزيادة 6 جنيهات للعلبة الواحدة بما تحتويه من شرائط، مؤكدًا أن «القرار تم تفسيره بشكل مخالف لما هو مستهدف منه، ووجدنا استغلالا من بعض الشركات والصيدليات».

من جهته، يشكو أمين عام نقابة الصيادلة، أحمد فاروق، من عدم تنفيذ القرار 499 على أرض الواقع، ويقول لـ «مدى مصر» إن شركات الدواء لا تلتزم بتوريد الدواء للصيدليات بالسعر الذي يضمن حصول الصيادلة على هامش الربح المتفق المقرر، مضيفًا: «غالبًا ما تقوم شركات الدواء بتسليم الدواء للصيدليات بأسعار أعلى من المقررة، بحيث يحصل الصيادلة على هوامش ربح تقل عن المقررة، في حين لا تستطيع الصيدليات رفع سعر البيع للمستهلك في ظل رقابة محكمة من وزارة الصحة، لا تفرضها بالقدر نفسه على الشركات». ويستكمل: «غالبًا ما يترواح هامش الربح الذي يحصل عليه الصيادلة فعليًا بين 10% للأدوية المستوردة إلى 20% فقط للأدوية المحلية».

مخالفات وتحايلات

كان خطاب جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية الموجه لوزارة الصحة قد أوضح أن الجهاز قام من قبل بـ «إحالة أكبر أربع شركات لتوزيع الأدوية (المتحدة للصيادلة، وشركة ابن سينا فارما، وشركة رامكو فارما، وشركة مالتي فارما) للنيابة العامة والتي أحالتها بعد ذلك للمحكمة الاقتصادية، ولم يمنح الفرصة للتصالح مع هذه الشركات حيث اتفقت على توحيد السياسات التسويقية والبيعية المتمثلة في تقليص فترات الائتمان وتخفيض نسب الخصم النقدي الممنوحة للصيدليات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يخالف نص المادة 6 فقرتين (أ) و(د) من قانون حماية المنافسة، الأمر الذي أضر بالصيدليات الصغيرة والمتوسطة من ناحية، حيث تسبب في تقليص هامش ربح تلك الصيدليات وقيد قدرتها على توفير جميع الأدوية بالكميات والأصناف التي تحتاجها ومن ثم فقدان بعض عملائها. ومن ناحية أخرى، أضرت المخالفة بالمواطن، عن طريق خلق عوائق أمام إتاحة الأدوية في المناطق النائية وأثرت على قدرته على الوصول إلى الدواء».

أما العضو السابق بمجلس إدارة نقابة الصيادلة، محمد سعودي، فيشكو من أن العديد من الأصناف الدوائية يجري تسجيلها في معهد التغذية، التابع للهيئة العامة للمعاهد والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، كمكملات غذائية، وخلال ورشة عمل نظمتها نقابة الأطباء الأسبوع الماضي قال مسعود إن هذا الأمر «انتهى فعليًا إلى نفاذ العديد من الأصناف الدوائية، من ضمنها أدوية للكحة مثلًا، إلى السوق دون الخضوع للتسعير الجبري».

كانت ورقة الصادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، في 2013، بخصوص القرار 499، قد أخذت على القرار أنه «لا يتطرق إلى الأدوية التقليدية ذات الأصل النباتي أو العشبي أو المكملات الغذائية، ولا يحدد كيفية تسعيرها، على الرغم من رواج تلك المنتجات في السوق المصرية وحاجتها الشديدة للرقابة والتقنين، وبالتالي التسعير».

في حين يرصد آخرين انتقادات أخرى للنظام الحالي، منهم محيي حافظ، الذي يقول إن النظام الحالي أدى إلى تفاوت كبير للغاية في أسعار الأدوية المثيلة على نحو غير مبرر، مضيفًا: «وصل التفاوت بين بعض الأصناف التي تستند إلى نفس التركيب الكيميائي إلى مئات الأضعاف في بعض الأحيان».

ويقول حافظ لـ «مدى مصر» إن غرفة صناعة الدواء تطالب بتقليص التفاوتات بين الأدوية ذات التركيب الكيميائي المتشابه، موضحًا أن «الدواء الأصلي مرتفع السعر للغاية، وفي حين سُعِرَّت بعض الأصناف المثيلة بناء على أسعار تلك الأدوية الأصلية، لا تزال الأدوية التي جرى تسعيرها بناء على النظام القديم (قائمة التكاليف) بنفس السعر، دون السماح حتى بتحريك أسعارها مع ارتفاع التكاليف».

أدوية غير متوفرة ووعود لا توفى

ويرصد حافظ ملامح أزمة نقص الدواء الحالية، قائلًا إن مصر بها 14000 صنف دواء مسجل، منها 11000 لها «أكواد» فى شركات التوزيع، في حين تتداول الصيدليات نحو 7000 آلاف صنف فقط، وهو ما يعني أن نصف عدد الأصناف غير متوفر وأن 3000 صنف لم تنتج من الأصل برغم تسجيلها، مضيفًا: «هكذا كان الوضع قبل اشتداد أزمة الدولار، لكن الأمر ازداد سوءًا قبل قرار الحكومة رفع أسعار الدواء في مايو الماضي، مع تراجع عدد الأصناف المتوفرة بنحو أربعة آلاف صنف، توفر نصفها تقريبا بعد رفع الأسعار لكن لا يزال 1700 إلى 1800 صنف من أصل 7000 غير متوفر لأن الجنيه تراجع للغاية بعدها».

فيما يقول أمين عام نقابة الصيادلة أحمد فاروق إنه في مايو الماضي، وخلال المفاوضات مع وزارة الصحة، وعدت شركات الدواء باستئناف إنتاج الأصناف التي توقفت عن إنتاجها، وهو ما لم يحدث، مضيفًا أن وزير الصحة وعد بدوره بشطب تسجيل أصناف الدواء التي تتوقف الشركات عن تصنيعها، وهو ما لم يحدث أيضًا، حسبما قال.

ولا تسمح وزارة الصحة بتسجيل أكثر من عشرة أدوية محلية مثيلة للدواء الأصلي الواحد، بالإضافة لدواء مثيل مستورد، فيما يسمى بـ «البوكسات» أو الصناديق، وهو ما يعني أن توقف تصنيع أحد الأدوية المثيلة لا يسمح بأن يحل محله دواء أخر، إلا في حال شطب تسجيل الدواء المتوقف، وهو إجراء غير معتاد.

وفي حين يطالب قطاع من المنتجين بإزالة القيود على إنتاج حد أقصى من الأدوية المثيلة بدعوى زيادة المنافسة في السوق، وهو ما قاله عضو غرفة صناعة الدواء رامز جورج أثناء مشاركته في ورشة عمل نظمتها نقابة الأطباء منذ أسابيع، يعارض عدد من النشطاء في مجال الحق في الدواء هذا التوجه، مثل محمد عز العرب، الأستاذ في المعهد القومي للكبد، ومستشار المركز المصري للحق في الدواء، والذي يبرر موقفه قائلًا لـ «مدى مصر»: «فتح المجال لعدد أكبر من الأدوية المثيلة يعني زيادة المنافسة من قبل الشركات الأكبر، وخاصة الشركات الأجنبية التي تستطيع إزاحة غيرها من الشركات، بالإضافة إلى تكرار تصنيع بعض الأصناف المثيلة بدلا من ابتكار غيرها».

إلا أن أحمد فاروق يرى من جانبه أن تعطيل وزارة الصحة تسجيل الأدوية المثيلة يحرم المرضي من بدائل أرخص من الأدوية الأصلية مرتفعة السعر.

ويضيف: «الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية في وزارة الصحة، والمختصة بتسجيل الأدوية، هي المسؤولة عن هذا الأمر، من الملاحظ في هذا السياق التعطيل العمدى لتسجيل أدوية مثيلة لبعض الأدوية الأصلية التي تعاني مصر من نقص شديد منها، والمثال الأبرز على ذلك هو “الكيتوستريد” وهو دواء مرضى الكلى الذي تعطل وزارة الصحة تسجيل أدوية مثيلة له بالرغم من انتهاء الإجراءات الضرورية لتسجيله، وهو أمر يتم لصالح الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات المنتجة للأدوية الأصلية».

اعلان
 
 
بيسان كساب 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن