من وحي سجن أحمد ناجي

بيقولوا إنه صعب الواحد يكتب (أو يعمل أي حاجة) وهو غضبان، بس الواحد اليومين دول طول الوقت بيهدر وغضبان (يعني للدقة همّا كام سنة كده، وبالأصح من آخر سنة ٢٠١١) وما ينفعش يبطل يعمل الحاجات اللي بيحبها لمجرد إنه غضبان.

فيه أيام الغضب بيزيد وأيام بيقل وأيام بيزيد قوي (ف الأيام دي باتغطى وأنام).

الأقواس اللي ف الكام سطر اللي فاتوا كتار قوي، وده غالبًا عشان الجمل الاعتراضية والعرضية بتزيد لدرجة إنها بقت عادية. يعني لما الواحد ما يبقاش عارف يتكلم عادي، بيلاقي نفسه ف حالة اعتراض دائم وبالتالي جمله كمان بتتعوج وتبقى اعتراضية.

بيسموا ده تطابق الشكل مع المضمون؟

من سنتين الرقباء اتضايقوا قوي من سيناريو كنت مقدمُه، ورقيبة طيبة قالتلي: “أصل الناس دول مش شبهنا خالص”، ما قُلتلهاش: “طبعا مش شبهنا. لا أنا سمسار ف البورصة ولا حضرتك مومس طبقة عليا”، واكتفيت إني أقول لها إن الحياة مليانة ناس مش شبهنا.

حسيتها مش فاهمة أنا باتكلم عن إيه (يعني هي فاتن حمامة ف “الحرام” شبهك يا مدام؟)، وبعدين إدوني تصريح تصوير مذيل بحاجة وعشرين ملاحظة (ما كانش فيه ولا مشهد “سخن”)، والمنتج خاف (أياميها رئيس الوزرا شد حيله ومنع فيلم “حلاوة روح” وأنقذ مصر من كارثة كبرى)، والفيلم اتركن.

شبهنا؟

مش شبهنا؟

خلينا ف النُص.

أصل لو شبهنا، تبقى كارثة. بنشتم بأوسخ الألفاظ (مش أنا طبعًا، أنا شتايمي مهذبة)، والشوارع مليانة تحرش واعتداء جنسي على أطفال (من الجنسين)، والرشوة والفساد منخورين ف المجتمع، ومش ح أوجع عنيكوا بقائمة لا نهائية من الموبقات عشان ما بقاش ممل.

ولو مش شبهنا، كارثة برضه لإنك لو حكيت حكاية من غير ما تعين نفسك قاضي وجلاد ووكيل نيابة وسجان ومحامي ودكتور وشيخ وقسيس ومحلل نفسي ومأذون شرعي وأخ وأب وزوج وطبعا شرطي (أكيد ناسي شوية مهن محترمة، بس “مواطن صالح” مش مهنة)، تبقى مش شبهنا ودي تهمة.

(يمكن الفنان مطالب بإنه يكون كل ده عشان المهن دي كلها مليانة مشاكل، يعني اللي بيمارسوها بعافية، يعني ما بيمارسوهاش إلا فيما ندر).

خلينا ف النص.

قعدة مش مريحة أبدًا. بين كرسيين (مخلعين طبعًا) تلاقي نفسك دايما بتقع.

يعني الليبراليين من ناحية (اللي هما دايما عاقلين وبيراعوا “المش- ليبراليين” ومش عايزين يزعلوهم وبيتضايقوا قوي من الهزار البايخ بتاع البلالين)، والمحافظين من ناحية تانية (اللي بيلاقوا أغطية دينية لكل أنواع الفظائع، بس ما بيستحملوش حاجة اسمها الضعف الإنساني)، بيستحلوا قعادك بينهم ف النص ويتسلوا عليك.

تلاتة اتحكم عليهم يدخلوا السجن عشان حاجات كتبوها.

إسلام البحيري وفاطمة ناعوت وأحمد ناجي.

تصنفهم إيه؟

شبهنا ولّا مش شبهنا ولّا ف النص؟

هبل؟ عشان صدقوا مادة ف الدستور بتكفل حرية الرأي؟

حقيقة هما مزعجين جدًا.

إتنين منهم فكرونا إننا عندنا عقل، وواحد فكرنا بأعضائنا الجنسية. كارثة.

ما كانوا يركزوا ف القلب. أهُه ف النص (الرجلين ما تُحسبش).

القلب؟

يعني تحِّن على الغلابة؟ يعني تفكر ف أطفال الشوارع؟ يعني تزعل وتعيط عشان فيه ناس مظلومة بتموت وبتتسجن؟ إوعى! إوعى! إوعى!

أكتر من إن قلبك دليلك وقاللك اتنيل اسكت، إوعى تخلي قلبك يغششك أي كلام.

 طب إيه؟ الودان؟ لأ. فيه نقيب الموسيقيين ما بيحبش موسيقى الميتال فبيبلغ عنها البوليس.

فاضل الضهر (المناخير اتعودت على الروايح الوحشة والعينين مش عايزة تشوف).. هو الضهر. عشان إحنا ناس حمالين أسية، (بس مش قوي).

————–

ينشر هذا المحتوى في إطار حملة مشتركة بين مواقع “مدى مصر”، “زائد 18″، “قل” و”زحمة” للتضامن مع الكاتب أحمد ناجي

اعلان
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن