“بنحيي البغبغان”: في خيال الواقع
 
 

كندة حسن، فنانة مستقلة تعمل في مجال البصريات والصوت وعضو مؤسس في منصة الموسيقى العربية “إيقاع“، تتحدث مع المؤلف والملحن الموسيقي موريس لوقا والفنانة البصرية مها مأمون عن الألبوم الذي أطلقه لوقا في مسرح “روابط” بالقاهرة يوم ٢٧ نوفمبر وعنوانه “بنحيي البغبغان”.

 

هذا هو ثاني ألبوم للوقا وقد أنتجته شركة “نوى“، بينما تم إطلاق ألبومه الأول “جراية” مع شركة الإنتاج الموسيقي “١٠٠ نسخة“. غلاف الألبوم من تصميم مأمون.

 

في ما يلي مقتطف من الحديث حول الألبوم الجديد، مصادر الإلهام التي أثرت فيه، والتعاون الذي تم بينهما، ووصف عملية الإخراج والإنتاج.

كندة: أشعر أن موسيقاك تشبه القاهرة، بطبقاتها المختلفة تشبه المساحة الصوتية التي نسمعها في شوارع القاهرة.

موريس: القاهرة في لا وعيي، لم أتخذها يومًا موضوعًا مستقلًا بحد ذاته. أتخيل مثلًا أني لو سافرت إلى جبال سويسرا من الممكن أن أتأثر بالطبيعة الصوتية هناك ولكن القاهرة منزلي، لا أبحث فيها عن الوحي ولكنها تظهر بشكل واضح في عملي لأن علاقتي بها هي علاقة منزل وليست علاقة محسوسة. لا أملك حسَا وطنيَا موسيقيَا ولكن ارتباط هذا العمل بالجمهور المصري واضح، وكوني أعمل هنا منذ فترة فتطور شغلي ملحوظ هنا أيضَا.

مها: عندما دعاني موريس وسمعنا الموسيقى معًا كنا نفكر بالعناصر الأساسية التي ظهرت لي في الموسيقى، وكنا متخوفين من التركيز في الشق المدني لأنها العدسة الأساسية التي يمكن أن نرى من خلالها العمل والتي يمكن أن تحد من سمائه. فكنا نحاول إيجاد منظورات أخرى ممكن أن تقارب الموضوع بشكل مختلف. بإمكاني القول أن شغلي يتعامل مع القاهرة دون أن يكون هذا هدفي، فالقاهرة هي السياق الذي نعيش فيه والذي نتعامل معه، فحياتنا في النهاية مغمورة كليًا في هذه المدينة.

كندة: موريس.. من الواضح أن لموسيقاك جذور في الثقافة الشعبية المصرية، هل هناك بعد سياسي واجتماعي في هذا التأثر؟، بمعنى أنه يحمل رسالة ما، أم أنك وببساطة تحب هذه الموسيقى وترى نفسك بها كما من الممكن أن ترى نفسك في أي نوع موسيقي آخر؟

موريس: الموسيقى الشعبية هي الموسيقى البديلة الحقيقية الوحيدة المطروحة بالنسبة لي. وهي تظهر في شغلي من أيام جراية، وأحس أنها في السنوات الأربعة الماضية كانت أكثر موسيقى مثيرة موجودة، هي كما تقولين نوع موسيقي أحبه، ولكوني من الموسيقيين الذين يمتصون ويتأثرون كثيرًا بمحيطهم، طغى تأثيرها على العمل، وهذا لأنها أيضًا كانت من أكثر الموسيقات التي كنت أسمعها في الفترة الماضية. ولكني لم أرد أن أصنف الألبوم وكأنه ألبوم موسيقى شعبية، رغم أني على يقين أنها طاغية عليه، ولكني أشعر دائمًا أنها القشرة الأولى، وأتمنى أن تظهر كل النواحي والتأثيرات الأخرى في الألبوم عندما يُسمَع.

كندة: مها، أين تضعين عملك على هذا الألبوم بالنسبة للثقافة الشعبية؟

مها: حين التقطت هذه الصورة لم أكن أفكر في مفهوم أنها “شعبي”. كنت أتمشى في الشارع ورأيت قهوة فيها هذا الملصق الفظيع فتوقفت وصورته. أنا مهتمة بشكل عام بمحاولات إيجاد الطبيعة في المدينة.

كان عندي مشروع يركز على الملابس التي يلبسها الناس وفيها ورود كنوع من إيجاد بديل طبيعي. كانت الفكرة أنه ليس من الضروري أن نخرج من المدينة لإيجاد الطبيعة، لقد خلقنا بدائل كتلك الملابس وهذا الملصق. فأنا لا أقرن هذا العمل بالثقافة الشعبية، هذا النوع من الصور موجود في مصر منذ حقبة السبعينات، فقد كانت شائعة في بيوت عائلات الطبقة الوسطى، ومع الوقت بدأت بالظهور في الأماكن العامة حتى اختفت من البيوت وتكاثرت في المقاهي والمطاعم.

Maha Maamoun for Maurice Louca

كندة: موريس، شارك عدد كبير من الموسيقيين في هذا العمل ومن ضمنهم علاء فيفتي. هل لك أن تخبرنا عن علاقتك به وتجربة التسجيل معه؟ أهو من كتب الكلمات التي ألقاها أم كيف سارت العملية؟

موريس: منذ أن بدأت بتسجيل “بنحيي البغبغان” كان من الواضح لي أنني أرغب بالعمل مع موسيقيين. لم أكن أريد تكرار تجربة ألبوم “جراية” الذي عملت عليه بالكامل وحدي وفي بيتي. كنت أرغب بأن يكون لهذا الألبوم الجديد صوت فرقة موسيقية كاملة، أن تنفذ الأفكار والألحان والمؤلفات من موسيقيين آخرين. أتمنى أن يُسمع هذا الألبوم وكأنه ألبوم لفرقة لا شخص صولو.

بدأت بتسجيل كل أفكاري مع موسيقيين في استوديو في شبرا رشحه لي حسن خان. سجلت مع عازفي أورج، وربابة، وإيقاعات.. وكان لهم بعض التأثير في المقطوعات، ففي “تصدع” مثلاً نسمع كوردات وضعها الموسيقي من عنده وغيرت صوت المقطوعة كليًا.

كنت أيضًا أريد تسجيل غناء على طريقة غناء المهرجانات الشعبي، فاقترح عليّ محمود رفعت العمل مع علاء فيفتي الذي وافق بدوره. الكلام في اثنين من الثلاث أغاني أُخِذ من تقاطيع أغاني شعبي، كلام أحسست أنه بإمكاني التعلق به. أما الأغنية الثالثة وهي “شرَق راح تغرَّب” فقد كانت مختلفة تمامًا: الموسيقى لم تكن مكتملة بعد ولم يكن فيها إلا الإيقاع. أعطيت علاء الوزن الذي أردته أن يغني عليه، وتركته يرتجل ١٠ دقائق تقريبًا. ثم قطعت كلامه لأخلق منه الهيكل الخاص بالأغنية، وبعدها حولته لكلام غنائي أكثر من إلقائي وأزدتُ عليه اللحن.

كان هناك كل أنواع التجارب مع الموسيقيين. كنت ببعضها واضح بما أريده منهم وفي بعضها الآخر هم فاجأوني، وفي البعض الأخير اشتغلت على تسجيلاتهم في مرحلة ما بعد التسجيل، لم يكن هناك أسلوب عمل واحد مع الموسيقيين، كانوا ١٤ موسيقي على ما أعتقد في الألبوم الذي تم تسجيله على مدار سنة تقريبًا، ما سمح للأفكار وطريقة تطرقنا للعمل بالتطور والتغير مع الوقت.

كندة: ما رأي مؤديي الموسيقى الشعبية في موسيقاك؟

موريس: القصة لطيفة في الواقع. علاء لم يسمع العمل بعد تسجيله. حاولنا كثيرًا أن نلتقي ولم نفلح في ذلك حتى اليوم الأخير قبل إطلاق الألبوم، كلمته الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، كنت عائدًا للتو من السفر، وقلت له: “علاء الشغل نازل بكرة” فقال لي أنه آتٍ فورًا. أتى مع أصدقائه واستمع إلى العمل، وأنا كنت متوترًا جدًا، كان واضح على معالم وجهه أنه ليس سعيدًا. كان متحمسًا جدًا عند وصوله ولكنه عندما استمع إلى العمل لم يفهم السياق. وجد نفسه يغني جملتين هنا، كلام لم يقله هناك، بارك لي.. ولكني كنت منزعج، فهو في نهاية المطاف مغني في هذا العمل. بعد ذلك بأسبوعين أو ثلاثة كنت في استديوهات “١٠٠ نسخة”، ووجدت علاء هناك وقال لي أنه أحب الشغل جدًا وأنه يريد أن نصور “فيديو كليب” معًا. قال أنه سمع الألبوم مجددًا وأنه وكل أصدقائه أحبوا العمل. حتى السادات هنأني وقال إن العمل قد أعجبه. تأثرت كثيرًا بأن علاء سعيد. بشكل عام وصلتني أصداء جميلة من مشهد الموسيقى الشعبية، موسيقيون كإسلام شيبسي وفرقته أُعجبوا بالعمل أيضًا، مع أن الموضوع أخذ وقتًا، لم يحصل بسرعة.

كندة: هل ممكن أن نرى علاء يؤدي معك على المسرح؟

موريس: المشكلة أن دور علاء في العمل ليس ضخمًا. سوف يكون من الغريب أن يصعد المسرح ليغني جملتين وينزل. أنا أتمنى أن نؤدي معًا “شرَّق راح تغَرَّب” على الأقل مرة واحدة، ولكن في سياق تأديتي للعمل قد يظهر الموضوع غريب أو حتى قد يقلل من احترام علاء أن يظهر لأغنية واحدة فقط. لا أريد أن أظهر كمنتج يدعو موسيقي مختلف على المسرح لكل أغنية، أحب أن يكون للموسيقي الذي يعزف معي دور مستمر وتدخُّل في العمل.

كندة: “بنحيي البغبغان” هي إذن مقتطف صوتي وجدته في أغنية من الأغاني الشعبية، كيف تحولت إلى عنوان الألبوم؟

موريس: أعتقد أنها عبارة قوية. بالنسبة لي مفهوم البغبغان هو الشخص الذي يكرر ما لا يفهمه. من الممكن أن تفهم من عدة منظورات، ممكن أن يكون لها بعد غير واقعي، خرافي أو عبثي، وممكن أن يكون لها سياق سياسي أو اجتماعي أو حتى شخصي. أحسست أنها معبرة في الثلاث أو أربع سنوات الماضية عن الشغل نفسه، عن عبث الفترة الماضية، أنك في عملك هذا وفي السياق هذا ممكن أن تكون بغبغان أنت أيضًا. في لحظة ما شككت باستعمالي له كعنوان بسبب تخوفي بألا يؤخذ في بعده هذا ويفهم بأنه مرةً أخرى نوع من تبجيل للموسيقى الشعبية، لأن البغبغان هو كلمة مرادفة للنبطشي، فخفت أن يؤخذ فقط من هذا المنظور وهو منظور غير مرغوب به في العمل ولا أردناه في تصميم الغلاف وكنا فقط نريده في سياقه الموسيقي. ولكني قررت أخيرًا استخدامه كعنوان الألبوم رغم التخوفات لأني مرتبط به كثيرًا بغض النظر عن كيف سيُفهَم. وكانت مفاجأة سارة لي أنه لم يؤخذ من هذا المنطلق البتة.

كندة: لعله من غير ذات صلة اليوم أن نتكلم عن “الفيوجن” (دمج نوعين موسيقيين مختلفين) في موسيقاك، ففي عالمنا المعاصر نحن وأجسادنا وعقولنا تعريف الفيوجن أو التحام الثقافات. ولكن عملك في الغالب من أكثر الأعمال إثارةً من حيث كيفية انصهار أصوات من عوالم مختلفة أو حتى مضادة وتكوينها لمادة منسجمة تمامًا. تقديري الشخصي هو أنك لا تفكر في الموضوع، أنها عملية عفوية لا مركّبة تظهر بسلاسة في موسيقاك.

موريس: لقد أجبتِ بالفعل على السؤال. أتمنى أن يكون ما قلتِه هو ما يصل من خلال العمل لأنها هذه هي الحقيقة. الفيوجن هي فكرة غربية، على رأي ألان بيشوب هي “إسرائيل الموسيقى”، هي سرطان. وأنا أوافقه الرأي. هذه الموسيقى هي في الغالب إحدى أسوأ الموسيقات في العالم لأنها تأتي من مكان غير عفوي وطبيعي، لأسباب غير صادقة وحقيقية أحيانًا. وكما قلتِ، نحن كعالم ثالث لو صح القول تشربنا من كل هذه التأثيرات المختلفة، عندنا ميزة أن الفيوجن كفكرة مركبة غير موجودة عندنا لأن كل الثقافات والتأثرات داخلة في بعضها البعض. وهذا ما يسمح لنا بأن نكون حقيقيين بمزجنا لهذه العوالم المختلفة.

كندة: هذا الألبوم من أفضل الألبومات من ناحية الميكساج، هل لكما أن تشاركانا بعض تفاصيل عملية الإنتاج؟

موريس: كان من الواضح لي منذ البداية أني أريد أن يقوم خيام اللامي بعملية ميكساج العمل. كما كان من الواضح لي أيضًا ومنذ البداية أني أريد أن تقوم مها بتصميم الغلاف. خيام يحب هذا العمل ويعرفه جيدًا وعنده شغف للموضوع، لقد كان الشخص المثالي لإتمام هذا العمل. وبالفعل لقد قدم الكثير للعمل، تخطى الميكساج فقط في عطائه وهذا ظاهر في العمل. لقد جاء إلى القاهرة ليسمعه، شارك في آخر مراحل التسجيل ومن ثم في الميكساج الذي أنتج أول مسوداته وحده. فقد أردت أن أعطيه حريته في إضفاء الصوت الذي يسمعه. أنا سعيد جدًا بالنتيجة النهائية للميكس وأرى مثلك أنه أضاف قيمة كبيرة للعمل. خيام أعطى هذه المرحلة أكثر من المعتاد، لقد قام بعمل ممتاز، التقدير ينسب إليه.

مها: موريس كان جزء لا يتجزء من العمل على الغلاف منذ البداية. التصميم هو نتيجة لنقاشاتنا وتجاربنا المتعددة. لا أعتقد أننا كنا سنصل إلى هذه النتيجة لولا طريقة العمل التشاركية. ومع أن جزء من العمل (وهو الخلفية) كان موجود في أرشيفي من قبل وكنت أحبه، غير أنه كان غير مكتمل، هذا الألبوم أعطاه حياة جديدة.

كندة: هل تتذكرون أي من الكلمات المفاتيح التي ظهرت في جلسات المناقشات حول تصميم الغلاف؟

موريس: مها سمعت نسخة قديمة من حفلة ولم يكن للألبوم عنوان وقتها، ومنها استخرجت ذات الكلمات التي كانت في بالي. قالت مثلًا أنها ترى بغبغان في الموضوع، وترى طبيعة، وغابة، وأنوار، والمدينة، والليل.. ومن ثم أضفت أنا كلمات كسريالي وخيالي. التأرجح ما بين الحقيقي والمزيف كان بالنسبة لنا موضوع أساسي، لم نكن نريد أن يبدو العمل الفني مركب كليًا لأنه ليس كذلك، هذه صورة واقعية وهذا بغبغان حقيقي، إلّا أننا كنا نريده أن يبدو عبثيًا. تعجبني هذه اللمبة المعلقة في السقف والتي تشبه شمس مزيفة.

كندة: الناس تحب أن ترقص في حفلاتك. أظن أن رقصك وأنت تؤدّي العمل يلعب دور في إلهام الجمهور. هل تعتقد أن هناك أي نوع من أنواع التعارض ما بين رقص الجمهور على موسيقاك واحترامه لكمّ العمل الكائن وراءه؟ أم أنك ترى أن الرقص هو طريقة للإحساس في الموسيقى بجميع طبقاتها ولسماعها من خلال الحركة والجسد وليس فقط الأذنان؟

موريس: الخط الفاصل ما بين الموسيقى الراقصة والموسيقى التي تصغي إليها وأنت جالس غير واضح لي. أنا لا أؤمن بالنظرة المتزمتة التي تقول أن الرقص يقلل من قيمة العمل الموسيقي. الرقص هو طريقة أخرى في التفاعل مع الجمهور والعمل. إنه انتصار لشبابي، عندما كنت أصغر سنًا كانوا يقولون أن موسيقاي كئيبة، هي مفاجأة جميلة.

Maurice Louca

كندة: بما أنك تؤدي العمل وحيدًا على المسرح، وبما أن الجمهور لا يرى ما تفعله بالضبط، أتخيل أنه من الممكن أن تسمى بالدي جي، أو، في حالات أفضل، كمنتج موسيقى إلكترونية. مع أن “بنحيي البغبغان” عمل يوضّح تطور علاقتك بالصوت الذي ترغب في إنتاجه: لقد تعاونت مع عدد من الموسيقيين المختلفين مما أنضج صوت العمل. ما هي التحديات في كونك وحيد على المسرح، وكيف تصف الأداة التي تستخدمها لإنتاج موسيقاك، وهل بإمكانك وصف طريقة تعاونك مع موسيقيين آخرين؟

موريس: لطالما كان موضوع كيف يراني الجمهور كمؤدي صولو على المسرح مصدر إحباط لي. أنا لا أُعرّف نفسي كموسيقي إلكتروني والحقيقة أنني لست كذلك فعلاً. المشكلة الحقيقية هي أنني لا أقدم الشغل. هي مشكلة شائعة.

أظن أنني مع الوقت ومع تطور مشاريعي المختلفة وكلما نجحت في عملي سيتضح أنني لست دي جي. في ألبومي الأول “جراية” كنت في بداية مهنتي كموسيقي مستقل ولم أكن أتخيل أن موسيقيين آخرين سوف يبدون أي اهتمام بالتسجيل معي. في “بنحيي البغبغان” شعرت أنه أصبح بإمكاني الآن أن أطلب من موسيقيين آخرين أن يعزفوا أفكاري وألحاني ورؤيتي في الألبوم.

طموحي الأكبر الآن هو تأليف فرقة موسيقية تؤدّي معي موسيقاي على المسرح. ولو كان الأمر ممكنًا لكنت نفذته منذ البداية. فالموسيقى الإلكترونية هي احتياج أكثر من كونها قرار. أنا أرى نفسي مؤلف وملحن، الآلات لم تكن إلا وسيلة لتلبية الغرض. بالطبع هي تفتح أبواب عوالم مختلفة أيضًا، فالأصوات الإلكترونية ومعالجات الأصوات إلكترونيًا أمر مثيرٌ أيضًا. غير أن طموحي زاد مع تجارب موسيقيين آخرين حولي كتامر أبو غزالة ومريم صالح ودينا الوديدي، الذين شكّلوا فرقهم التي تؤدي موسيقاهم الخاصة بهم، فقد ألهمتني هذه التجارب وتشجعت على محاولة فعل المثل في بداية سنة ٢٠١٥. ولقد وجدت الموسيقيين بالفعل، والخطة هي أن نؤدي العمل معًا على المسرح كفرقة مع بشار فران على آلة الباص وتوماسو كابلاتو على الدرامز.

كندة: المشهد الموسيقي في القاهرة يشهد ازدهارًا مستمرًا منذ أكثر من ثلاث سنوات. ما هو برأيك الدور المؤسساتي في هذا الازدهار، وما هو النقص الذي لا زالت تعاني منه المنصة الموسيقية المستقلة في ما يتعلق باستيعاب المشهد وتقديم الاستمرارية للموسيقيين؟

موريس: مبدئيًا أنا أوافقك الرأي تمامًا. ثمة شيء ملهم وغامر ومحفز حاصل في القاهرة مستحيل نكرانه. أجرؤ بالقول أن القاهرة اليوم هي من أكثر المدن إثارةً لأي موسيقي. هناك طاقة موسيقية عظيمة. أنا مثلًا من جيل كان من الصعب عليه أن يلقى فرقة موسيقية تثير اهتمامه. اليوم لا يمكنك متابعة ما يحصل، فهناك موسيقى كثيرة وهناك جمهور مهول أيضًا، الآلاف من الجماهير تتابع ما يحصل. أنا أشعر أن الموسيقيين والجمهور يسبقون المؤسسات بسنوات ضوئية. مريم صالح عندها ٨٠٠،٠٠٠ معجب على فيسبوك وهناك ٥ صالات عرض في القاهرة و٣ مهرجانات. لا يوجد برامج راديو تكرس وقتها للموضوع، هناك نقص في الصحافة، والكتاب، والنقاد، والعملاء ومدراء الأعمال، هنالك القليل منهم ولكن الموجود لا يكفي مقارنةً بالملايين من المتابعين وعدد الفرق الصاعدة. المشهد غير قادر على استيعاب كل هذا. الموضوع حصل بسرعة نسبيًا – رغم أنه بدأ من قبل الثورة إلا أن وقعه اتضح بشكل مفاجئ. ما ينقص هو الواضح: أماكن عرض أكثر في مدن ومناطق مختلفة، منصات أكثر، سهولة وصول الموسيقى إلى الجمهور بأشكال أخرى. لا أريد أن أظهر وكأني أتذمر من نقص الفرص، ولكننا نناقش الحجم، هي مسألة مقياس.

كندة: من هو كوكو؟

موريس: أنا لم أقابل كوكو يومًا! مها يمكنها أن تخبرك عن كوكو.

كندة: من هو كوكو يا مها؟

مها: كوكو هو البطل!.. كنت أبحث عن بغبغان، ووجدت مكانًا بجوار منزلي فسألتهم عن بغبغانات ملونة، ووجدت كوكو، كان لطيفًا واتفقت مع صاحب المحل على تصويره. كانوا لطاف جدًا وساعدوني في التصوير دون مقابل. لم يكن هناك إلا كوكو واحد، وتخيلت أن الموضوع سوف يكون معقد أكثر من ذلك ولكنه كان بسيط! كان كوكو لطيف ومؤدب ويفرد جناحيه عند الطلب.

كندة: هل أعطيتِيهم نسخة من الألبوم؟

مها: نعم، وصاحب المحل كان سعيدًا جدًا، ولم يكن يتخيل أن يرى كوكو في هذا المكان الذي وضعناه فيه، ولكن اهتمامه الرئيسي كان أن الألبوم سوف يساعد في بيع كوكو.

موريس: يمكننا وضع إعلان على صفحة الفيسبوك.

كندة: اللطيف أننا نجد كل المعلومات التي بإمكانها إيصالنا إلى كوكو على غلاف الألبوم.

اعلان
 
 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن