فصول في أفول الصحافة المصرية

إذا كانت الحكومة، أية حكومة، صانعًا سيئًا وتاجرًا رديئًا، فهي من باب أولى ناشر صحفي وإعلامي وثقافي أسوأ بكثير، بما أن المنتج في الحالة الأخيرة هو الخبر والرأي والنقد، إذ هذا هو المنتج الذي تحرص كل الحكومات على إخفائه عن الرأي العام، كليًا أو جزئيًا، وبقدر ما تستطيع، لولا الدساتير والقوانين التي تلزم السلطات بالبوح، ولولا حاجة الحكومات المنتخبة لأصوات الناخبين، وذلك بالطبع في الدول الديمقراطية، فما الذي سيكون عليه الحال في الدول غير الديمقراطية، أو المتعثرة في الطريق إليها؟

لا يزال هذا، وسيبقى، المدخل الأهم لفهم سلسلة الكوارث التي تلاحقت على الصحافة والإعلام في مصر، منذ عرفت الشمولية في نظام الحكم، نتيجة لانتصار الجناح الديكتاتوري في صراع السلطة بين ضباط يوليو، فيما عرف باسم «أزمة مارس 1954». ابتداء من هذه اللحظة، أخذت الصحف غير الموالية للنظام الجديد في الاختفاء واحدة إثر الأخرى، وبالطبع كان لا بد أن تتوقف الصحف الحزبية بدورها، بما أن الأحزاب نفسها قد حُلَّت، وحُظر قيامها من جديد.

في ذات اللحظة، ولأول مرة في تاريخ مصر، استحدث النظام الحاكم منصب وزير الإرشاد القومي (الإعلام فيما بعد)، لا لغرض سوى الإدارة السياسية لمرفق الإذاعة، ثم التليفزيون بعد إنشائه، وكذلك وكالة الأنباء الوطنية، والإعلام المصري الموجه الى الخارج، فضلًا عن الرقابة على الصحف المصرية، وعلى المراسلين الأجانب، مع تغليب العرف الاستبدادي على النص القانوني، في حين كانت هذه الاختصاصات تُمارَس من قبل بواسطة إدارة الإعلام في مجلس الوزراء، وإدارة المطبوعات في وزارة الداخلية، طبقًا للقانون وتحت الإشراف القضائي.

ثم جاء قانون تنظيم (أو تأميم) الصحافة، لينقل ملكيتها إلى التنظيم السياسي الوحيد؛ «الاتحاد الاشتراكي العربي الممثل لتحالف قوى الشعب العاملة»، وذلك لكي يصبح «الشعب نفسه هو مالك الصحف»! في حين أن من كان يرأس التنظيم، وبالتالي يملك الصحف فعليًا، هو رئيس الجمهورية، أي رئيس السلطة التنفيذية.

هنا بدأت الصحافة المصرية، كمهنة ومؤسسات وإصدارات، مسيرتها الطويلة، المتباطئة أحيانًا، والمتسارعة أحيانًا أخرى، والمتمردة أحيانًا ثالثة، نحو الهاوية الحالية، تلك التي تبدو بلا قاع.

ومما يلفت أكبر درجة من الانتباه أن إلغاء نظام الحزب الواحد وحل الاتحاد الاشتراكي بقرار من الرئيس أنور السادات، لم يؤديا إلى تحرير المؤسسات الصحفية من قبضة السلطة، سواء من حيث الملكية أو من حيث التبعية السياسية، إذ اخترع السادات مجلس الشورى الذي سماه «مجلس العائلة المصرية»، كبديل شعبوي متخلف لتعبير «قوى الشعب العاملة»، وذلك ليتملك المؤسسات الصحفية، ثم يديرها من خلال المجلس الأعلى للصحافة، برئاسة رئيس مجلس الشورى نفسه، الذي يختاره رئيس الجمهورية، وينتخبه ممثلو حزب الرئيس في المجلس، وهم الأغلبية دائمًا.

هذه السابقة تكررت بعد ثورة 2011، ثم أعيدت كرة ثانية وثالثة خلال الفترة الانتقالية بعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبعد انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحت المسميات الجديدة السارية الآن.

هكذا يكون القاسم المشترك الأعظم بين كل عهود ورؤساء نظام ضباط يوليو 1952 في هذه المسألة هو عدم تحرير ملكية الصحف القومية، ليس فقط لضمان ولائها السياسي، ولكن أيضًا للتحكم من خلالها في الصحف الحزبية والخاصة، بحكم أن معظم هذه الصحف لا تملك، كما لا يمكنها أن تملك، مطابعها وشبكات توزيعها الخاصة، ما يسهل على السلطة منع طبع أو توزيع ما لا ترضى عنه منها جزئيًا أو كليًا، ومن المنبع، مع استبقاء وسائل العقاب الأخرى، الفردي منها والجماعي، للاستخدام عند اللزوم.

ما سبق كله، وعلى فداحته، ليس الوجه الوحيد للانعكاسات السلبية لتملك السلطة للصحف، ولكن إلى جانبه انعكاسات مهنية واقتصادية وإدارية لا تقل سلبية.

فعندما أُمّمت الصحف كانت تخضع لعدة قوانين، أولها بالطبع قانون الشركات، ومن ثم كان عليها أن تدفع ضرائب عن أرباحها، وفقًا لقانون ضرائب الأرباح التجارية والصناعية وقتها، وكانت تخضع في جانب علاقات العمل، لقانون عقد العمل الفردي، بوصفها شركة خاصة، وكانت ثالثًا تخضع لقانون نقابة الصحفيين الذي يحظر فصل الصحفي، أو نقله إلى عمل غير صحفي إلا بشروط خاصة، كما كانت تخضع لقانون المطبوعات وقانون العقوبات العام.

ومن العجيب أن هذه القوانين ظلت سارية بعد التأميم، رغم أن تغير صفة الملكية كان ينبغي أن يتبعه صدور قانون جديد موحد، فقد بقيت شركات، لكنها لم تعد مطالبة بالربح، وبالتالي لم تعد تدفع ضرائب الأرباح، في حالة تحقيقها، كما لم تعد ملزمة بإشهار إفلاسها، وإغلاق أبوابها ومطبوعاتها، في حالة استمرار الخسائر وارتفاع المديونيات وطلب العون المالي من الخزانة العامة، أي من أموال دافعي الضرائب.

وبسبب عدم توفيق الأوضاع الجديدة قانونيًا مع صيغة الملكية العامة، فقد ورث رؤساء مجالس الإدارات، أو رؤساء تحرير الإصدارات، كل السلطات القانونية والعرفية لملاك ورؤساء التحرير، عندما كانت الصحف مملوكة ملكية خاصة، سيما وأن ما يربط «الصحفي» بمؤسسته هو عقد عمل فردي. وعليه فقد أُطلقت سلطات هؤلاء الرؤساء –إدارة التحرير – من كل قيد، سوى إرضاء السلطة، أو تحقيق مصالحهم الشخصية أو تفضيلاتهم الخاصة لهذا أو ذاك من المحررين والعاملين. فالرئيس في الصحيفة القومية، هو من يصدر قرارات التوظيف والترقي، وهو من يحدد العلاوات المالية، والمكافآت، وهو من يقرر ما يُنشر وما لا يُنشر، ومن يُمنع من الكتابة، دون معقب أو رقيب، فضلًا عن أنه مطلق اليد تمامًا ونهائيًا في تقاضي ما يريده هو من أموال المؤسسة، تحت أية مسميات.

الأدهى أن رؤساء مجالس الإدارة والتحرير اقتنعوا (وكان لا بد أن يقتنعوا) أنهم ليسوا مقيدين بما كان يتحتم على أسلافهم من ضمان النجاح المالي والاقتصادي للمؤسسة، والذين كانوا يحرصون على التفوق المهني، ويستعينون بالقادرين عليه، سواء كان المالك هو من يدير التحرير الصحفي بنفسه، أو طبّق نوعًا من الفصل بين الملكية والإدارة.

أما المديرون والرؤساء في الصيغة الجديدة فلم يعودوا مسؤولين إلا عن منع نشر ما يغضب السلطة، في عقد ضمني سبق أن أشار اليه الأستاذ أحمد بهاء الدين في يومياته بجريدة الأهرام، وليفعلوا بعد ذلك ما بدا لهم.

وارتباطًا بذلك، كان منطق الأمور أن تختار السلطة لقيادة الصحيفة من هو أكثر استعدادًا للخنوع، وليس الأكفأ مهنيًا، بما لذلك من آثار مدمرة على الصحيفة والصحفيين.

من هنا تسرب الفساد المالي والإداري ليصبح هو القاعدة. وكانت البداية هي التفسير والتطبيق المتعسفَيْن لقاعدة حق رئيس التحرير في الحصول على عمولات بنسبة معينة من عوائد الإعلانات والتوزيع وغيرها من الأنشطة التجارية للمؤسسة، إذ الأصل في هذه القاعدة التي كانت  ترد في التعاقدات بين رئيس التحرير وبين ملاك الصحيفة هو حصول رئيس التحرير على عمولة بنسبة معينة من الزيادات التي تحققها قيادته للصحيفة أو المجلة في عوائد الإعلانات والتوزيع وغيرها، باعتبار أن هذه الزيادات هي ثمرة جهده وموهبته، ولكن ما طُبّق بعد التأميم كان حصول رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير على هذه النسب فور جلوسه على كرسيه، حتى إذا قلت الإعلانات، وانخفض التوزيع، كما هو الحال في الوقت الحاضر.

باطرّاد العادة، واكتشاف سبل جديدة لزيادة الموارد من أجل زيادة العمولات، ابتدع رؤساء التحرير فكرة الصفحات الإعلانية التحريرية، التي يحررها الصحفيون  المنتدبون لتغطية جهات بعينها، للدعاية لهذه الجهات، في مخالفة جسيمة لقانون نقابة الصحفيين الذي يحظر خلط العمل الصحفي بالعمل الإعلاني.

هكذا كانت نسبة تفوق الـ80% من محرري إحدى الصحف القومية الكبرى تعمل كمندوبي إعلانات، إلى جانب عملهم كمندوبين صحفيين، ويحصلون على عمولات جلب إعلانات بمئات الألاف، بل وكان بعضهم يتقاضى عمولة على تحصيل القيمة المالية للإعلان من الجهة المعلنة.

ما يحزن أكثر من ذلك أنه جرى تصنيف «التحرير الصحفي» ضمن الإدارات الخدمية في هذه المؤسسة، التي يكتفي العاملون بها برواتبهم (المتدنية أصلًا، مع بضع مئات شهريًا من فتات الإعلانات)، في حين صُنّفت إدارة الإعلانات، والمطابع والتوزيع، ضمن الإدارات الإنتاجية، التي يحق للعاملين بها تقاضي عمولات دون حد أقصى.

أذكر هنا أن مكافأة كتابة افتتاحية الصحيفة اليومية، كعمل إضافي، لم تزد في أواخر تسعينيات القرن الماضي عن 25 جنيهًا مصريًا للمرة الواحدة، أي 100 جنيهًا لكل مساعد رئيس تحرير في الشهر، بما أن كتابة الافتتاحية كانت متداولة بين سبعة من هؤلاء المساعدين، أي أن المكافأة الشهرية  للجميع عن كتابة رأي الصحيفة (وهو أهم الأراء) كانت 700 جنيهًا في الشهر، في حين كان أصغر مندوب إعلانات صحفي يحصل على سبعين ألف جنيه في الشهر أو أكثر.

ومع ذلك، فهذا الفساد «الإعلاني» ليس إلا واحدًا من عشرات الممارسات الفاسدة للإدارات الصحفية، التي منها عمولات التوريد والإنشاءات، والهدايا النفيسة لكبار المسؤولين.

في نهاية المطاف، كان لا بد أن تتفاعل البيئة السياسية، من أول طريقة اختيار القيادات إلى اكتفاء السلطة بالولاء والتبعية، مع هذه البيئة الإدارية الفاسدة، فتكتظ دور الصحف بمن لا يحتاجهم العمل، وتُهمَل شروط التأهل والتأهيل، فينعدم التدريب كلية في جميع المؤسسات الصحفية القومية.

وإذا أخذنا في اعتبارنا أن كل ذلك حدث، ويحدث، في وقت تدهور فيه النظام التعليمي المصري إلى مستوى كارثي، وأن هذه البيئة لا تجتذب أفضل الخريجين الذين حسنّوا مستواهم المعرفي والمهاري ممن يسعون للعمل في مجالات أخرى، أو لدى مؤسسات اعلامية (أجنبية) توفر لهم أجورًا أعلى وشروط عمل أفضل، فستكون النتيجة ما نراه اليوم، حيث نستطيع القول مطمئنين إن أكثر من 95% من القيادات الصحفية العليا والوسيطة لا تستطيع قراءة صحيفة بلغة أجنبية، أو إدارة حوار مع ضيف أو زميل صحفي قادم من الخارج، ولا تستطيع أن توجّه له سؤالًا له قيمة في مؤتمر صحفي.

***

كانت السطور السابقة في معظمها هي قصة احتضار الصحافة المصرية «القومية» من الداخل، وتتبقى الإشارة الى أن كل هذه المؤسسات الآن تحيا على دعم مالي من الخزانة العامة.

أما القصة من الخارج، فسنسردها في عناوين رئيسية حتى لا يطول حديثنا أكثر من اللازم، ولأن هذه العناوين تكفي في حد ذاتها، لرسم معالم تلك الصورة، دون نقص يعتد به. فهناك أولًا تحدي الصحافة الإلكترونية، وتحدي ما يسمى بـ«المواطن الصحفي»، وتحدي التليفزيونات، خاصة القنوات الفضائية، وتحدي منافسة الصحف الخاصة، التي سنفرد لها توًا بعض السطور، والمنافسة غير المتكافئة مع الصحف العربية المزدهرة تمويلًا وأداء، خصوصًا ما يصدر منها من أوروبا، بالإضافة لبعض الصحف اللبنانية، ثم هناك الخناق السياسي المتزايد إحكامًا وتضييقًا على الجميع، بالإضافة الى ما ذكرناه سابقًا، وما يعلمه كل مهتم من وقائع الحجب والإحالة للتحقيق والكفالات القضائية الباهظة والحبس والغرامات المالية الثقيلة، بما يغني عن السرد التفصيلي. ومع كل ذلك فلا مفر من أن نسجل شعورنا بالأسى لتصنيف مصر ضمن أسوأ دول العالم انتهاكًا لحرية الصحافة والصحفيين.

أما حديثنا المقتضب عن الصحف الخاصة فيبدأ بالاعتراف بالدور البناء والمؤثر الذي لعبته في كسر الاحتكار السلطوي لسوق الصحافة، وفي تقديم مواهب ملفتة، وتدريب كوادر جديدة، بعد فشل، أو إفشال، الصحف الحزبية.

لكن هذه الصحف الخاصة لا تزال، كما سبق القول، غير قادرة على تأسيس وحيازة منظومة النشر كاملة، من مطابع وشبكات توزيع وموارد إعلانية، جنبًا الى جنب مع عدم استقرار مبدأ الفصل بين الملكية والإدارة بما يكفي.

غير أن أخطر ما يواجه الصحافة الخاصة والعاملين فيها هو المستقبل المجهول، بما أن مؤسسيها، والمستثمرين أو المساهمين فيها، ليسوا صحفيين من الأصل، وليسوا ناشرين محترفين، وليس العمل الصحفي هو استثمارهم الوحيد أو الرئيسي «الذي يفتح بيوتهم، ويأكلون عيشهم منه»، وفضلًا عن ذلك فهي كلها تنفق أكثر مما تربح، لأسباب خارجة عن الارادة غالبًا، وهي بالطبع تعاني، أكثر من الصحف القومية، من حالة الاختناق السياسي، والوطأة الثقيلة للسلطوية، كما بدا في أزمة «المصري اليوم» الأخيرة.

كل هذا يعني أن بقاء هذه الصحف غير مضمون، خاصة إذا أصبح  القرار في أيدي ورثة الملاك، أو المؤسسين الحاليين، ويتصل ذلك، بالطبع، بالضغوط المستمرة من السلطة لإجبار الملاك على البيع أو الإغلاق.

سيكون من الظلم أن يظن أحد أن الجماعة الصحفية المصرية، ذات التاريخ العريق والتقاليد الراسخة، استسلمت دون قيد أو شرط لهذا الإرهاق السلطوي المتواصل للمهنة والمؤسسات، فقد خاضت هذه الجماعة معارك عديدة انتصرت في بعضها، مثل إحباط خطة تحويل نقابة الصحفيين إلى نادٍ في عهد أنور السادات، كما انتصرت على الدعاوى المغرضة لتنقية جدول العضوية في نقابة الصحفيين،  وأسقط الصحفيون أيضًا القانون سيء الذكر المعروف باسم «قانون الازدراء»، والذي كان ينص على السجن لمدة تصل لـ15 عامًا في جرائم النشر.

كما بذل الصحفيون جهودًا هائلة لتفعيل الإصلاحات المحدودة التي أدخلها قانون سلطة الصحافة بعد تحويل الملكية إلى مجلس الشورى، بحيث يصبح لمجالس الإدارات والجمعيات العمومية للمؤسسات الصحفية دور في حماية المؤسسة والعاملين فيها من فساد ونهب وتسلط الادارة العليا، ولكن مساندة السلطة لتلك الإدارات أجهضت كل محاولات الإصلاح، فكانت المحصلة النهائية أن هذه الانتصارات وغيرها لم توقف المسيرة الطويلة نحو الهاوية، وإن كانت قد أبطأتها بكل تأكيد.

ربما لا يكفي ما فات كله للشعور بالحجم الكامل للكارثة، وقد يتعين أن نضيف أن مصر عرفت الصحافة والصحفيين منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حين لم يكن كل العالم، باستثناء أوروبا وأمريكا، قد سمع بهذا الاختراع، وكانت صحافة مصر وصحفيوها من أقوى قواها الناعمة تأثيرًا وجاذبية، فهل يعلم من شقوا لها هذا الطريق الى الهاوية، ومن يدفعونها بقوة الآن إلى السقوط الأخير، أي جرم يرتكبون؟!

اعلان
 
 
عبد العظيم حماد 
 
 

دعمك هو الطريقة الوحيدة
لضمان استمرارية الصحافة
المستقلة والتقدمية

عشان من حقك الحصول على معلومات صحيحة، ومحتوى ذكي، ودقيق، وتغطية شاملة؛ انضم الآن لـ"برنامج عضوية مدى" وكن جزءًا من مجتمعنا وساعدنا نحافظ على استقلاليتنا التحريرية واستمراريتنا. اعرف اكتر

أشترك الآن